تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا لَّا تَجۡزِي نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡـٔٗا وَلَا يُقۡبَلُ مِنۡهَا شَفَٰعَةٞ وَلَا يُؤۡخَذُ مِنۡهَا عَدۡلٞ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (48)

لكنهم لم يشكروا هذه النعم ، فوبخهم الله تعالى بقوله : { واتقوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ } ، فبيّن لهم سمات ذلك اليوم الشديد الهول حيث يقف الناس للحساب وتنقطع الأسباب . آنذاك تبطُل منفعة الإنسان ، وتتحول سنّة هذه الحياة من انطلاق الإنسان واختياره ليدفع عن نفسه بالعدل والفداء أو الشفاعة عند الحكام . إن ذلك اليوم يختلف عن أمر الدنيا ، وتضمحل فيه جميع الوسائل إلا ما كان من عمل صالح .

{ وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ } أي : ليس لهم من يمنعهم من العذاب .

وقد كان اليهود يعتقدون ولا يزالون أنهم ، بدعوى انتسابهم للأنبياء- لا يدخلون النار أو لا تمسّهم النار إلا أياماً معدودة ، لأن لهم الجاه والتأثير يوم القيامة ، كما أن أحبارهم يشفعون لهم ، بل يمكنهم أن يخلّصوا مجرميهم بشتى الوسائل التي يستخدمونها في الدنيا . . فجاء الإسلام وسفّه هذه العقيدة ، وعلّمنا أنه لا ينفع في ذلك اليوم إلا مرضاة الله بالإيمان والعمل الصالح الذي يتجلى في أعمال الجوارح .

ونأتي إلى معنى الشفاعة ، إن شفاعة النبي عامةٌ لا يخص بها أشخاصاً معينين ، وهي كما قال ابن تيمية «دعاء يدعوه النبي صلى الله عليه وسلم ، فيستجيبه المولى جلّ وعلا » ، وهذا خلاف ما يعتقده اليهود كما مر آنفاً ، انطلاقا من دعوى أنهم شعب الله المختار استناداً إلى ما جاء في كتبهم من هراء وكذب .

القراءات :

قرأ ابن كثير وأبو عمرو { ولا تقبل منها شفاعة } بالتاء .