الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا لَّا تَجۡزِي نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡـٔٗا وَلَا يُقۡبَلُ مِنۡهَا شَفَٰعَةٞ وَلَا يُؤۡخَذُ مِنۡهَا عَدۡلٞ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (48)

قوله : ( لاَّ تَجْزِي ) [ 47 ] .

أي لا تقضي ، " جزى عني الشيء " قضى ، و " أجزأني " ، كفاني ، مهموز( {[1892]} ) .

وقيل : هما بمعنى واحد( {[1893]} ) . وأصل الجزاء القضاء والتعويض .

قوله : ( نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ ) [ 47 ] .

أي لا تقضي ولا تغني . وهي خاصة لقول النبي [ عليه السلام ]( {[1894]} ) : " شَفاعَتي( {[1895]} ) لأَهْلِ الكَبائِرِ( {[1896]} ) مِنْ أُمَّتِي( {[1897]} ) " .

ولقوله : " لَيْسَ مِنْ نَبِيّ ، إلاّ وَقَدْ أُعْطِيَ دَعْوَةً ، وإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لٍأُمَّتِي( {[1898]} ) وَهِيَ نَائِلَة( {[1899]} ) مِنْهُم مَنْ لا يُشْرِكُ بِالله شَيْئاً " ( {[1900]} ) .

فألفاظ( {[1901]} ) الآية عامة ، ومعناها الخصوص ، هي في الكفار خاصة ، وفي هذه الآية رد على اليهود لأنهم زعموا أنهم لا يعذبون يوم القيامة لأنهم أبناء الأنبياء ، وأن آباءهم يشفعون لهم عند الله ، فرد الله ذلك عليهم في هذه الآية .

قوله : ( مِنْهَا عَدْلٌ ) [ 47 ] . أي : فداء .

وعن ابن عباس : " عدل : بدل " ( {[1902]} ) .

وعن النبي صلى الله عليه وسلم : " العَدْلُ : الفِدْيَةُ " ( {[1903]} ) .

وقولهم : " لا يقبل منه( {[1904]} ) ، صرف ولا عدل " ( {[1905]} ) .

قيل( {[1906]} ) : العدل : الفدية ، والصرف : الحيلة . قاله ابن( {[1907]} ) السكيت( {[1908]} ) .

وقال المازني( {[1909]} ) : " العدل : الفريضة ، والصرف : النافلة " ( {[1910]} ) .

وقيل : للفدية( {[1911]} ) : عدل ، لأنها مثل الشيء ، وأصل " عدل( {[1912]} ) الشيء " مثله . والعِدل –بكسر العين- ما حُمل على الظهر . يقال : " عِنْدي غلامٌ عِدْلُ غُلامِكَ ، وَشاةٌ عِدْلُ شَاتِكَ " ، بِكسر العين ، إذا كان أحدهما يعدل الآخر . وكذلك يفعل في كل شيء يماثل الشيء من جنسه فإن أردت أن عندك/ قيمته من غير جنسه فتحت العين( {[1913]} ) فقلت : " عِنْدِي عَدْلُ غُلامِكَ وعَدْلُ شاتِكَ " . أي قيمتها بفتح العين( {[1914]} ) .

وروي في " العدل " الذي بمعنى الفدية كسر العين( {[1915]} ) لغة( {[1916]} ) .

والضمير في " ولاَّهُمْ " يعود على الكفار لأن النَّفْسَين( {[1917]} ) [ المذكورتين تدلان( {[1918]} ) ] على ذلك .

وقيل : تعود( {[1919]} ) على النفسين( {[1920]} ) لأنهما بمعنى( {[1921]} ) الجمع لم يقصد بهما قصد نفسين بأعيانهما ولأن التثنية أول( {[1922]} ) الجمع ، فهي جمع .


[1892]:- وأجزأني بالهمز هي لغة تميم عند الأخفش، انظر: معانيه 1/90.
[1893]:- انظر: جامع البيان 2/28، وتفسير القرطبي 1/378، والمحرر الوجيز 1/208.
[1894]:- في ع2، ق: صلى الله عليه وسلم.
[1895]:- في ع2: شفاعة. وهو تحريف.
[1896]:- في ع3: للكبائر. وهو خطأ.
[1897]:- انظر: سنن ابن ماجه 2/1441، وسنن الترمذي 4/625، ومنحة المعبود 2/228، ورواه الحاكم في المستدرك 1/69، وقال: صحيح على شرط مسلم، ولم يعلق عليه الذهبي.
[1898]:- قوله: "ولقوله: ليس... لأمتي" ساقط من ق.
[1899]:- في ع3: نافلة.
[1900]:- انظر: صحيح مسلم 1/189، والموطأ 1/212، وسنن ابن ماجه 2/1440، وسنن الدارمي 2/328.
[1901]:- في ع1،ح، ق، ع3: فلفظ.
[1902]:- انظر: جامع البيان 2/24.
[1903]:- انظر: جامع البيان 2/33، وتفسير ابن كثير 1/89، والدر المنثور 1/68.
[1904]:- في ع3: منهم.
[1905]:- انظر: اللسان 2/707.
[1906]:- المصدر السابق.
[1907]:- في ع3: بن. وهو خطأ.
[1908]:- هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق، أديب، نحوي، مفسر، صَحِبَ الكسائي، وأخذ عن الفراء، وابن الأعرابي، وأخذ عنه عكرمة الضبي. (ت343هـ). انظر: نزهة الألبا 138-140.
[1909]:- هو بكر بن محمد البصري، أبو عثمان، نحوي، أديب، لغوي، مشارك، روى عن أبي عبيدة والأصمعي، وروى القراءة عن يونس أخذ عنه المبرد (ت249هـ). انظر: وفيات الأعيان 1/283، وطبقات القراء 1/179، وبغية الوعاة 1/463-466.
[1910]:- أورده أبو عبيدة في مجاز القرآن 1/53، ولم يعزه إلى أحد.
[1911]:- في ع3: الفدية.
[1912]:- سقط من ق.
[1913]:- سقط من ع3.
[1914]:- انظر: معاني الفراء 1/320، واللسان 2/707.
[1915]:- قوله: "عدل غلامك" على قوله: "كسر العين" ساقط من ع2.
[1916]:- انظر: معاني الفراء 1/75، واللسان 2/706.
[1917]:- في ع1، ق: التفسير، وفي ع2، ع3: التفسيرين.
[1918]:- في ع2، ع3: المذكورين يدلان.
[1919]:- في ع3: يعود.
[1920]:- في ع1، ع2، ق، ع3: التفسير.
[1921]:- في ق: من.
[1922]:- في ق: قوله: "على النفسين... أول" ساقط من ع2.