بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا لَّا تَجۡزِي نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡـٔٗا وَلَا يُقۡبَلُ مِنۡهَا شَفَٰعَةٞ وَلَا يُؤۡخَذُ مِنۡهَا عَدۡلٞ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (48)

وقوله تعالى : { واتقوا يَوْمًا } ، أي واخشوا عذاب يوم { لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا } ، يعني لا تغني في ذلك اليوم نفس مؤمنة عن نفس كافرة ، وذلك أنهم كانوا يقولون : نحن من أولاد إبراهيم خليل الله ، ومن أولاد إسحاق والله تعالى يقبل شفاعتهما فينا ، فنزلت هذه الآية : { لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا } ، أي لا تغني نفس مؤمنة عن نفس مؤمنة ولا نفس كافرة عن نفس كافرة . { وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شفاعة } ، أي من نفس كافرة يعني لا ينفع فيها شافع ولا ملك ولا رسول لغير أهل القبلة . قرأ ابن كثير وأبو عمرو { وَلاَ تَقْبَلُواْ } بالتاء ، لأن الشفاعة مؤنثة ؛ وقرأ الباقون بالياء ، لأن تأنيثه ليس بحقيقي ، وما لم يكن تأنيثه حقيقياً جاز تذكيره ، وكقوله عز وجل : { الذين يَأْكُلُونَ الربا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الذي يَتَخَبَّطُهُ الشيطان مِنَ المس ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قالوا إِنَّمَا البيع مِثْلُ الربا وَأَحَلَّ الله البيع وَحَرَّمَ الربا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّنْ رَّبِّهِ فانتهى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى الله وَمَنْ عَادَ فأولئك أصحاب النار هُمْ فِيهَا خالدون } [ البقرة : 275 ] ثم قال تعالى : { وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ } ، أي لا يقبل الفداء من نفس كافرة كما قال في موضع آخر { فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا } [ آل عمران : 91 ] ، ويقال : لو جاءت بعدل نفسها رجلاً مكانها لا يقبل منها . { عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } ، يقول : ولا هم يمنعون من العذاب .