فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا لَّا تَجۡزِي نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡـٔٗا وَلَا يُقۡبَلُ مِنۡهَا شَفَٰعَةٞ وَلَا يُؤۡخَذُ مِنۡهَا عَدۡلٞ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (48)

{ واتقوا يوما } أي واخشوا عذاب يوم ، أمر معناه الوعيد والمراد باليوم يوم القيامة أي عذابه .

{ لا تجزي } لا تكفي ولا تقضي .

{ نفس عن نفس شيئا } يعني حقا لزمها ، وقيل معناه لا تنوب نفس عن نفس يوم القيامة ولا ترد عنها شيئا مما أصابها ، بل يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه ، وقيل أن طاعة المطيع لا تقضي عن العاصي ما كان واجبا عليه ، والنفس الأولى هي المؤمنة والثانية هي الكافرة ومعنى التنكير التحقير أي شيئا يسيرا حقيرا { ولا يقبل منها شفاعة } أي في ذلك اليوم ، وذلك أن اليهود قالوا يشفع لنا آباؤنا فرد الله عليهم ذلك ، والشفاعة مأخوذة من الشفع وهو الإثنان تقول استشفعته أي سألته أن يشفع لي أي يضم جاهه إلى جاهك عند المشفوع إليه ليصل النفع إلى المشفوع له ، وضمير { منها } يرجع إلى النفس المذكورة أولا أي إذا شفعت لم يقبل منها .

{ ولا يؤخذ منها عدل } أي فدية وهو مماثلة الشيء بالشيء ، والعدل بفتح العين الفداء وبكسرها المثل ، وقيل بالفتح المساوي للشيء قيمة وقدرا وبالكسر المساوي له في جنسه وجرمه ، وأما العدل واحد الأعدال فهو بالكسر لا غير قاله السمين ، والضمير يرجع إلى النفوس المدلول عليها بالنكرة في سياق النفي ، والنفس تذكر وتؤنث والمعنى كما قال السدي لا تغني نفس مؤمنة عن نفس كافرة من المنفعة شيئا .

{ ولا هم ينصرون } أي لا يمنعون من العذاب ، والنصر العون والأنصار الأعوان ومنه { من أنصاري إلى الله } والنصر أيضا الانتقام يقال انتصر زيد لنفسه من خصمه أي انتقم منه لها والنصر أيضا الإتيان يقال نصرت أرض بني فلان أي أتيتها .