{ واتقوا }{[2279]} . {[2280]}ولما كان المتقى إنما هو الجزاء الواقع في يوم القيامة حذفه وأقام اليوم مقامه تفخيماً له وتنبيهاً على أن عقابه لا يدفع كما يدفع ما في غيره بأنواع الحيل فقال : { يوماً } هو من العظمة بحيث { لا تجزي } {[2281]}أي {[2282]}تقضي وتغني{[2283]} فيه { نفس } {[2284]}أي نفس كانت{[2285]} { عن نفس } كذلك{[2286]} { شيئاً } من الجزاء .
قال الحرالي : والنفس لكل امرىء لزمته نفاسة على غيره ، فهؤلاء الذين لا يغني بعضهم عن بعض بخلاف{[2287]} من آثر غيره وذهبت نفاسة نفسه ، فإنه يغني عمن دونه بالشفاعة والإحسان في الدنيا والآخرة ، وفيه إعلام بأن ضعة النفس مبدأ التوفيق ونفاستها مبدأ الخذلان
{ أذلة على المؤمنين{[2288]} }[ المائدة : 54 ] فذل العبد - بالضم - لله ، وذِله - بالكسر - لعباد الله بشرى فوزه ، وإعراضه عن ذكر الله وصعر خده للناس{[2289]} نذارة{[2290]} هلاكه - انتهى .
{[2291]}ولما كان الإجزاء قد يكون بنفس كون المجزىء موجوداً وهو بحيث يخشى أن يسعى في الفكاك بنوع حيلة فتحرك القلوب لإجابته وفك أسيره فيحمل ذلك من أسره على إطلاقه ، وقد يحتال بالفعل في التوصل إلى فكه في خفية بسرقته أو فتح سجنه أو نحو ذلك ، وكانت وجوه الإجزاء المشهورة ثلاثة{[2292]} عطفها على الإجزاء الأعم منها فقال : { ولا يقبل منها } {[2293]}أي النفس الأولى أو{[2294]} الثانية{[2295]} { شفاعة } أي لم يؤذن فيها وهي من الشفع وهو إرفاد الطالب بتثنية الرغبة له فيما رغب فيه ليصير كالإمام له في {[2296]}وجهة حاجته{[2297]} - قاله الحرالي { ولا يؤخذ منها عدل } تبذله غير الأعمال الصالحة ، وهو ما يعدل الشيء ويكون معه كالعدلين المتكافئ القدر على الحمولة ، فكأنّ العدل - بالكسر - في الشيء المحسوس ، والعدل - بالفتح - في الشيء المعقول ، وكذلك عادة العرب تفرق بين ما في الحس وما في المعنى بعلامة إعراب في ذات نفس الكلمة لا في آخرها - قاله الحرالي .
{[2298]}ولما كان عدم النصرة للجمع يستلزم عدمها للمفرد بطريق الأولى جمع فقال : { ولا هم ينصرون*{[2299]} } أي يتجدد لهم نصر يوماً ما بمن ينقذهم قهراً{[2300]} كائناً من كان{[2301]} ، والنصر تأييد المقاوم في الأمر بما هو أقوى من مقاومة وهما طرفان{[2302]} ليصير كالمتقدم له بحكم استقلاله فيما يتوقع عجز المنصور{[2303]} فيه - قاله الحرالي . فانتفى{[2304]} بذلك جميع وجوه الخلاص التي يطمع فيها الظالم في الدنيا .
قال الحرالي : ولما كانت أسباب النجاة للمرء بأحد ثلاث{[2305]} : إما شفاعة من فوقه{[2306]} في العلم{[2307]} و{[2308]}الفضل ، وإما نصرة من فوقه في الأيد والقوة ، وإما فكاك من يده لنفسه إذ من هو مثله لا يغني وأحرى من هو دونه ، استوفى الخطاب جميع الوجوه الثلاثة ليسد على ذي النفس المستمسك بنفاسته جميع الوجوه الثلاثة من الشفاعة والفدية والنصرة - انتهى .
ولما تقدم أنه فضلهم وعاهدهم و{[2309]}أن وفاءه {[2310]}بعهدهم مشروط بوفائهم بعهده ناسب تقديم الشفاعة{[2311]} ويأتي إن شاء الله تعالى في الآية الثانية ما يتم به البيان ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.