الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا لَّا تَجۡزِي نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡـٔٗا وَلَا يُقۡبَلُ مِنۡهَا شَفَٰعَةٞ وَلَا يُؤۡخَذُ مِنۡهَا عَدۡلٞ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (48)

{ واتقوا يَوْمًا }[ البقرة :48 ] أي : عذابَ يوم أو هولَ يومٍ ، ويصح أن يكون { يوماً } نصبه على الظرف ، و{ لاَ تَجْزِي } معناه : لا تغني ، وقال السُّدِّيُّ : معناه لا تقضي ، ويقوِّيه قوله : { شَيْئاً } ، وفي الكلام حذفٌ ، التقدير : لا تجزي فيه ، وفي مختصر الطبريِّ : أي واتقوا يوماً لا تقضي نفْسٌ عن نفس شيئاً ولا تغني غَنَاءً ، وأَحَدُنَا اليومَ قد يقضي عن قريبه دَيْناً ، وأما في الآخرة فيسر المرء أن يترتَّب له على قريبه حقٌّ ، لأنَّ القضاء هناك من الحسنات والسيئات ، كما أخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم انتهى .

والشَّفَاعَةُ : مأخوذة من الشَّفْع ، وهما الاثنان ، لأن الشافع والمشفوع له شَفْعٌ ، وسبب هذه الآية أنَّ بني إسرائيل قالوا : نَحْنُ أبناءُ أنبياءِ اللَّه ، وسيشفع لنا آباؤنا ، وهذا إنما هو في حق الكافرين ، للإجماع ، وتواترِ الأحاديث بالشفاعة في المؤمنين .

وقوله تعالى : { وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ }[ البقرة :48 ] .

قال أبو العالية العَدْلُ : الفدية .

قال : ( ع ) عدل الشيْءِ هو الذي يساويه قيمةً وقدراً ، وإن لم يكن من جنسه ، والعِدْلُ ، بكسر العين : هو الذي يساوي الشيء من جنسه وفي جرمه ، والضمير في قوله : { وَلاَ هُمْ } عائد على الكافرين الذين اقتضتهم الآيةُ ، ويحتمل أن يعود على النفسينِ المتقدِّمِ ذكرُهما ، لأن اثنين جمع ، أو لأن النفس للجنْسِ وهو جمع ، وحصرت هذه الآية المعاني التي اعتادها بنو آدم في الدنيا ، فإِن الواقع في شدة مع آدمي لا يتخلَّص إِلاَّ بأن يشفع له أو ينصر أو يفتدى .

( ت ) أو يمنّ عليه إلا أنَّ الكافرَ ليس هو بأهلٍ لأنْ يمنّ عليه .