{ واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون 48 } .
{ واتقوا يوما } يريد يوم القيامة أي حسابه أو عذابه { لا تجزي } فيه { نفس عن نفس شيئا } أي لا تقضي عنها شيئا من الحقوق . فانتصاب { شيئا } على المفعولية . أو شيئا من الجزاء فيكون نصبه على المصدرية . وإيراده منكرا مع تنكير النفس للتعميم والإقناط الكلي / { ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ } لا يقبل { منها عدل } أو فدية { ولا هم ينصرون } يمنعون من عذاب الله . وجمع لدلالة النفس المنكرة على النفوس الكثيرة . وذكر لمعنى العباد أو الأناسيّ .
تمسكت المعتزلة بهذه الآية على أن الشفاعة لا تقبل للعصاة لأنه نفى أن تقضي نفس عن نفس حقا أخلت به من فعل أو ترك ، ثم نفى أن يقبل منها شفاعة شفيع . فعلم أنها لا تقبل للعصاة . والجواب : أنها خاصة بالكفار . ويؤيده أن الخطاب معهم كما قال : { فما تنفعهم شفاعة الشافعين }{[579]} ، وكما قال عن أهل النار : { فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم } {[580]} فمعنى الآية أنه تعالى لا يقبل فيمن كفر به فدية ولا شفاعة ، ولا يُنقذ أحدا من عذابه منقذ ولا يخلص منه أحد .
وفي ( الانتصاف ) : من جحد الشفاعة فهو جدير أن لا ينالها . وأما من آمن بها وصدقها ، وهم أهل السنة والجماعة ، فأولئك يرجون رحمة الله ، ومعتقدهم أنها تنال العصاة من المؤمنين وإنما ادخرت لهم . وليس في الآية دليل لمنكريها ، لأن قوله : { يوما } أخرجه منكرا . ولا شك أن في القيامة مواطن . ويومها معدود بخمسين ألف سنة . فبعض أوقاتها ليس زمانا للشفاعة . وبعضها هو الوقت الموعود ، وفيه المقام المحمود لسيد البشر عليه أفضل الصلاة والسلام . وقد وردت آيات كثيرة ترشد إلى تعدد أيامها واختلاف أوقاتها . منها قوله تعالى : { فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون } {[581]} مع قوله : { وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون } {[582]} / فيتعين حمل الآيتين على يومين مختلفين ووقتين متغايرين : أحدهما محل للتناول والآخر ليس محلاًّ له ، وكذلك الشفاعة . وأدلة ثبوتها لا تحصى كثرة . رزقنا الله الشفاعة . وحشرنا في زمرة أهل السنة والجماعة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.