النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا لَّا تَجۡزِي نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡـٔٗا وَلَا يُقۡبَلُ مِنۡهَا شَفَٰعَةٞ وَلَا يُؤۡخَذُ مِنۡهَا عَدۡلٞ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (48)

قوله عز وجل : { وَاتَّقُوا يَوْماً لاَ تَجْزي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً } فيه تأويلان :

أحدهما : معناه : لا تُغنِي ، كما يقال : البقرة تَجْزِي عن سبعةٍ أي تُغِني ، وهو قول السدي .

والثاني : معناه لا تقضي ، ومنه قولهم جزى الله فلاناً عني خيراً ، أي قضاه ، وهو قول المفضل .

{ وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ } قال الحسن : معناه لا يجِيءُ بشفيعٍ تقبل شفاعته لعجزه عنه ، وقال غيره : بل معناه ، أن الشفيع لا يجيبه إلى الشفاعة له ، وأنَّه لو شُفِّعَ لشَفَعَ .

قوله عز وجل : { وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ } : العَدْلُ بفتح العَيْنِ : الفِدْيَةُ ، وبكسرِ العَيْنِ : المِثلُ .

فأما قولهم : لا قَبل الله منه صرفاً ، ولا عدلاً ، ففيه أربعة أقاويل :

أحدها : أن الصرف العمل ، والعدل الفدية ، وهذا قول الحسن البصري .

والثاني : أن الصرف الدية ، والعدل رجل مكانه ، وهذا قول الكلبي .

والثالث : أن الصرف التطوع ، والعدل الفريضة ، وهذا قول الأصمعي .

والرابع : أن الصرف الحِيلَةُ ، والعدل الفدْية ، وهذا قول أبي عبيدة .