تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (1)

مقدمة السورة:

سورة محمد مدنية وآياتها ثمان وثلاثون ، نزلت بعد سورة الحديد . وهي مرتبطة بآخر السورة السابقة ، حتى لو أسقطت البسملة من بينهما لكان الكلام متصلا بسابقه لا تنافر فيه . ولها اسم آخر وهو : { سورة القتال } وهو اسم حقيقي لها ، لأن موضوعها القتال . وهو العنصر الأساسي فيها ، والمحور الذي تدور عليه السورة الكريمة .

تبدأ السورة ببيان حقيقة الذين كفروا ، وحقيقة الذين آمنوا ، وأن الله تعالى أبطل أعمال الذين كفروا لأنهم اتبعوا الباطل ، وكفّر عن المؤمنين لأنهم اتبعوا الحق . ثم بينت السورة بإسهاب وجوب الدفاع عن الحق ، وأن جزاء ذلك في الآخرة دخول الجنة ، وحرّضت المؤمنين على نصر دين الله والقتال في سبيله .

وفيها إعلان الحرب من الله تعالى على الذين كفروا ، وقتلهم وأسرهم ، وعلى المؤمنين أن يحاربوهم : { فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب . . الآية } .

ومع هذا الأمر يبين الله حكمة القتال ويشجع عليه ، وتكريم الاستشهاد في سبيل الله ، وإكرام الشهداء ، والنصر لمن يخوض المعركة انتصارا لله ، وإهلاك الكافرين وإحباط أعمالهم .

ثم بعد ذلك يأتي الحديث عن المنافقين الذين كانوا يؤلفون مع اليهود خطرا كبيرا على المسلمين في المدينة أول الأمر . وتبين السورة هلعهم وجُبنهم وتهافتهم إذا ووجهوا بالقرآن يكلفهم القتال ، وهم يتظاهرون بالإيمان . تفضحهم السورة في تولّيهم للشيطان وتآمرهم مع اليهود ، ويهددهم الله بالعذاب عند الموت ، ومن ثم يحذّر المؤمنين أن يصيبهم مثل ما أصاب أعداءهم { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ، ولا تُبطلوا أعمالكم } . وتُختم السورة بما يشبه التهديد للمسلمين إذا بخلوا بإنفاق المال ، والبذل في القتال ، فالله غير عاجز عن أن يُذهبهم ويأتي بخير منهم : { ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه ، والله الغني وأنتم الفقراء ، وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ، ثم لا يكونوا أمثالكم } .

صدوا عن سبيل الله : صرفوا الناس عن الإسلام .

أضلّ أعمالهم : أبطلها .

قسم الله الناس فريقين : أهلَ الكفر الذين صدّوا الناسَ عن دين الله ، وبيّن أن هؤلاء قد أبطلَ أعمالهم .