المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (1)

مقدمة السورة:

( 47 ) سورة محمد مدنية

وآياتها ثمان وثلاثون

هذه السورة مدنية بإجماع غير أن بعض الناس قال في قوله تعالى ' وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك ' محمد13 ، إنها نزلت بمكة في وقت دخول النبي فيها عام الفتح أو سنة الحديبية وما كان مثل هذا فهو معدود في المدني لأن المراعى في ذلك إنما هو ما كان قبل الهجرة أو بعدها{[1]} .

قوله تعالى : { الذين كفروا } الآية ، إشارة إلى أهل مكة الذين أخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقوله : { والذين آمنوا } الآية إشارة إلى الأنصار أهل المدينة الذين آووه ، وفي الطائفتين نزلت الآيتان ، قاله ابن عباس ومجاهد ، ثم هي بعد تعم كل من دخل تحت ألفاظها . وقوله : { وصدوا } يحتمل أن يريد الفعل المجاوز ، فيكون المعنى : { وصدوا } غيرهم ، ويحتمل أن يكون الفعل غير متعد ، فيكون المعنى : { وصدوا } أنفسهم . و : { سبيل الله } شرعه وطريقه الذي دعا إليه .

وقوله : { أضل أعمالهم } أي أتلفها ، لم يجعل لها غاية خير ولا نفعاً ، وروي أن هذه الآية نزلت بعد بدر ، وأن الإشارة بقوله : { أضل أعمالهم } هي إلى الإنفاق الذي أنفقوه في سفرتهم إلى بدر ، وقيل المراد بالأعمال : أعمالهم البرة في الجاهلية من صلة رحم ونحوه ، واللفظ يعم ذلك .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟