الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنۡهُمۡ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّـَٔاتِهِمۡ فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَنَّةِۖ وَعۡدَ ٱلصِّدۡقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ} (16)

قوله تعالى : " أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم " قراءة العامة بضم الياء فيهما . وقرئ " يتقبل ، ويتجاوز " بفتح الياء ، والضمير فيهما يرجع لله عز وجل . وقرأ حفص وحمزة والكسائي " نتقبل ، ونتجاوز " النون فيهما ، أي نغفرها ونصفح عنها . والتجاوز أصله من جزت الشيء إذا لم تقف عليه . وهذه الآية تدل على أن الآية التي قبلها " ووصينا الإنسان " إلى آخرها مرسلة نزلت على العموم . وهو قول الحسن . ومعنى " نتقبل عنهم " أي نتقبل منهم الحسنات ونتجاوز عن السيئات . قال زيد بن أسلم - ويحكيه مرفوعا - : إنهم إذا أسلموا قبلت حسناتهم وغفرت سيئاتهم . وقيل : الأحسن ما يقتضى الثواب من الطاعات ، وليس في الحسن المباح ثواب ولا عقاب ، حكاه ابن عيسى . " في أصحاب الجنة " " في " بمعنى مع ، أي مع أصحاب الجنة ، تقول : أكرمك وأحسن إليك في جميع أهل البلد ، أي مع جميعهم . " وعد الصدق " نصب لأنه مصدر مؤكد لما قبله ، أي وعد الله أهل الإيمان أن يتقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم وعد الصدق . وهو من باب إضافة الشيء إلى نفسه ؛ لأن الصدق هو ذلك الوعد الذي وعده الله ، وهو كقوله تعالى : " حق اليقين " {[13840]} [ الواقعة : 95 ] . وهذا عند الكوفيين ، فأما عند البصريين فتقديره : وعد الكلام الصدق أو الكتاب الصدق ، فحذف الموصوف . وقد مضى هذا في غير موضع{[13841]} . " الذي كانوا يوعدون " في الدنيا على ألسنة الرسل ، وذلك الجنة .


[13840]:آية 95 سورة الواقعة.
[13841]:راجع ج 9 ص 356.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنۡهُمۡ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّـَٔاتِهِمۡ فِيٓ أَصۡحَٰبِ ٱلۡجَنَّةِۖ وَعۡدَ ٱلصِّدۡقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ} (16)

قوله : { أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة } الإشارة عائدة إلى الإنسان الذي سبقت صفته ، فالله جل وعلا يتقبل عنهم أحين ما عملوا ويتجاوز عن سيئاتهم يعني يتقبل الله منهم الحسنات وما عملوه من الصالحات والطاعات ، ويصفح عن سيئات أعمالهم بمنه وفضله { في أصحاب الجنة } أي مع أصحاب الجنة . أو نفعل بهم ذلك مثل فعلنا بأهل الجنة .

قوله : { وعد الصدق الذي كانوا يوعدون } { وعد } منصوب على المصدر ، مؤكد لما قبله ، أي وعدهم الله وعد الحق أو الصدق { الذي كانوا يوعدون } أي الذي كانوا يوعدونه وهم في الدنيا{[4209]} .


[4209]:تفسير الطبري جـ 26 ص 13 وتفسير القرطبي جـ 16 196.