الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{لَكُمۡ دِينُكُمۡ وَلِيَ دِينِ} (6)

قوله تعالى : { لكم دينكم ولي دين }

فيه معنى التهديد ، وهو كقوله تعالى :{ لنا أعمالنا ولكم أعمالكم }{[16512]} [ القصص : 55 ] أي إن رضيتم بدينكم ، فقد رضينا بديننا . وكان هذا قبل الأمر بالقتال ، فنسخ بآية السيف . وقيل : السورة كلها منسوخة . وقيل : ما نسخ منها شيء ؛ لأنها خبر . ومعنى { لكم دينكم } أي جزاء دينكم ، ولي جزاء ديني . وسمى دينهم دينا ؛ لأنهم اعتقدوه وتولوه . وقيل : المعنى لكم جزاؤكم ولي جزائي ؛ لأن الدين الجزاء . وفتح الياء من { ولي دين } نافع ، والبزي عن ابن كثير باختلاف عنه ، وهشام عن ابن عامر ، وحفص عن عاصم . وأثبت الياء في " ديني " في الحالين نصر بن عاصم وسلام ويعقوب ، قالوا : لأنها اسم مثل الكاف في قمت . الباقون بغير ياء ، مثل قوله تعالى : { فهو يهدين }{[16513]} [ الشعراء : 78 ]{ فاتقوا الله وأطيعون }{[16514]} [ آل عمران : 50 ] ونحوه ، اكتفاء بالكسرة ، واتباعا لخط المصحف ، فإنه وقع فيه بغير ياء .


[16512]:آية 55 سورة القصص.
[16513]:آية 78 سورة الشعراء.
[16514]:آية 50 سورة أل عمران.