قوله : { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } . أتى بهاتين الجملتين الإثباتيتين بعد جملة منفية ؛ لأنه لما ذكر أنّ الأهم انتفاؤه صلى الله عليه وسلم من دينهم ، بدأ بالنفي في الجمل السابقة بالمنسوب إليه ، فلما تحقق النفيُ رجع صلى الله عليه وسلم إلى خطابه بقوله : { لَكُمْ دِينُكُمْ ولِيَ دِينِ } مهادنة لهم ، ثم نسخ ذلك الأمر بالقتال .
وفتح الياء في «لِيَ » : نافع وهشام وحفص والبزي بخلاف عنه ، وأسكنها{[61008]} الباقون .
وحذف «الياء » من «ديني » وقفاً ووصلاً : السبعة ، وجمهور القراء ، وأثبتها في الحالين سلام ويعقوب ، وقالوا : لأنها اسم مثل الكاف في «دينك » ، والثاني قد تقدم إيضاحه .
في الكلام معنى التهديد ، كقوله تعالى : { لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ } [ البقرة : 139 ] ، أي : إن رضيتم بدينكم ، فقد رضينا بديننا ، ونسخ هذا الأمر بالقتال .
وقيل : ما نسخ منها شيء ؛ لأنها خبر ، ومعنى لكم دينكم : أي جزاء دينكم ، ولي دين : أي جزاء ديني ، وسمى دينهم ديناً ؛ لأنهم اعتقدوه ]{[61009]} .
وقيل : المعنى : لكم جزاؤكم ولي جزائي ، أي : لأن الدين : الجزاء .
وقيل : الدِّين : العقوبة ، لقوله تعالى : { وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ الله } [ النور : 2 ] ، والمعنى : لكم العقوبة من ربِّي ، ولي العقوبة من أصنامكم ، فأنا لا أخشى عقوبة الأصنام ؛ لأنها جمادات ، وأما أنتم فيحق عليكم أن تخافوا عقوبة جبَّار السَّماوات والأرض . وقيل : الدين : الدعاء ، لقوله تعالى : { فادعوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين } [ غافر : 14 ] ، وقوله : { وَمَا دُعَآءُ الكافرين إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } [ الرعد : 14 ] .
وقيل : الدين : العادة ؛ قال الشاعر : [ الوافر ]
5336- تَقُولُ إذَا دَرأتُ لهَا وضِينِي *** أهَذَا دِينهُ أبَداً ودينِي{[61010]}
والمعنى : لكم عادتكم المأخوذة من أسلافكم ومن الشيطان ، ولي عادتي من ربي .
قال ابن الخطيب{[61011]} : «جرت العادة بأن يتمثلوا بهذه الآية عند المناكرة ، وذلك غير جائز ؛ لأن القرآن أنزل ليتدبر فيه ، ويعمل بموجبه ، فلا يتمثّل به » . والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.