الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنۡ حَيۡثُ أَمَرَهُمۡ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغۡنِي عَنۡهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيۡءٍ إِلَّا حَاجَةٗ فِي نَفۡسِ يَعۡقُوبَ قَضَىٰهَاۚ وَإِنَّهُۥ لَذُو عِلۡمٖ لِّمَا عَلَّمۡنَٰهُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (68)

قوله تعالى : " ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم " أي من أبواب شتى . " ما كان يغني عنهم من الله من شيء " إن أراد إيقاع مكروه بهم . " إلا حاجة " استثناء ليس من الأول . " في نفس يعقوب قضاها " أي خاطر خطر بقلبه ، وهو وصيته أن يتفرقوا ، قال مجاهد : خشية العين ، وقد تقدم القول فيه . وقيل : لئلا يرى الملك عددهم وقوتهم فيبطش بهم حسدا أو حذرا ، قاله بعض المتأخرين ، واختاره النحاس ، وقال : ولا معنى للعين هاهنا . ودلت هذه الآية على أن المسلم يجب عليه أن يحذر أخاه مما يخاف عليه ، ويرشده إلى ما فيه طريق السلامة والنجاة ، فإن الدين النصيحة ، والمسلم أخو المسلم .

قوله تعالى : " وإنه " يعني يعقوب . " لذو علم لما علمناه " أي بأمر دينه . وقيل : " لذو علم " أي عمل ، فإن العلم أول أسباب العمل ، فسمي بما{[9202]} هو بسببه . " ولكن أكثر الناس لا يعلمون " أي لا يعلمون ما يعلم يعقوب عليه السلام من أمر دينه .


[9202]:من ع.