غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنۡ حَيۡثُ أَمَرَهُمۡ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغۡنِي عَنۡهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيۡءٍ إِلَّا حَاجَةٗ فِي نَفۡسِ يَعۡقُوبَ قَضَىٰهَاۚ وَإِنَّهُۥ لَذُو عِلۡمٖ لِّمَا عَلَّمۡنَٰهُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (68)

54

وقد صدقه الله تعالى في ذلك بقوله : { ما كان يغني عنهم من الله من شيء } قال ابن عباس : ما كان ذلك التفرق يردّ قضاء الله تعالى . وقال الزجاج وابن الأنباري : لو سبق في علم الله أن العين تهلكهم عند الاجتماع لكان تفرقهم كاجتماعهم . وقال آخرون : ما كان يغني عنهم رأي يعقوب شيئاً قط حيث أصابهم ما ساءهم مع تفرقهم من إضافة السرقة إليهم وأخذ الأخ وتضاعف المصيبة على الأب { إلا حاجة } استثناء منقطع أي ولكن حاجة { في نفس يعقوب قضاها } وهي إظهار الشفقة والنصيحة ، أو الخوف من إصابة العين ، أو من حسد أهل مصر ، أو من قصد الملك . ثم مدحه الله تعالى بقوله : { وإنه لذو علم } يعنى علمه بأن الحذر لا يدفع القدر { لما علمناه } " ما " مصدرية أو موصولة أي لتعليمنا إياه ، أو للذي علمناه . وقيل : العلم الحفظ والمراقبة . وقيل : المضاف محذوف أي لفوائد ما علمناه وحسن آثاره وإشارة إلى كونه عاملاً بعلمه { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } مثل علم يعقوب أو لا يعلمون أن يعقوب بهذه الصفة في العلم . وقيل : المراد بأكثر الناس المشركون لا يعلمون أن الله تعالى كيف أرشد أولياءه إلى العلوم التي تنفعهم في الدنيا والآخرة .

/خ68