الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَيَوۡمَ يَقُولُ نَادُواْ شُرَكَآءِيَ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُمۡ فَدَعَوۡهُمۡ فَلَمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَهُمۡ وَجَعَلۡنَا بَيۡنَهُم مَّوۡبِقٗا} (52)

قوله تعالى : " ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم " أي اذكروا يوم يقول الله : أين شركائي ؟ أي ادعوا الذين أشركتموهم بي فليمنعوكم من عذابي . وإنما يقول ذلك لعبدة الأوثان . وقرأ حمزة ويحيى وعيسى بن عمر " نقول " بنون . الباقون بالياء ، لقوله : " شركائي " ولم يقل : شركائنا . " فدعوهم " أي فعلوا ذلك . " فلم يستجيبوا لهم " أي لم يجيبوهم إلى نصرهم ولم يكفوا عنهم شيئا . " وجعلنا بينهم موبقا " قال أنس بن مالك :( هو واد في جهنم من قيح ودم ) . وقال ابن عباس :( أي وجعلنا بين المؤمنين والكافرين حاجزا ) وقيل : بين الأوثان وعبدتها ، ونحو قوله : " فزيلنا بينهم " {[10576]} قال ابن الأعرابي : كل شيء حاجز بين شيئين موبق ، وذكر ابن وهب عن مجاهد في قوله تعالى : " موبقا " قال واد في جهنم يقال له موبق ، وكذلك قال نوف البكالي إلا أنه قال : يحجز بينهم وبين المؤمنين . عكرمة : هو نهر في جهنم يسيل نارا على حافتيه حيات مثل البغال الدهم فإذا ثارت إليهم لتأخذهم استغاثوا منها بالاقتحام في النار . وروى زيد{[10577]} بن درهم عن أنس بن مالك قال : " موبقا " ( واد من قيح ودم في جهنم ) . وقال عطاء والضحاك : مهلكا في جهنم ، ومنه يقال : أوبقته ذنوبه إيباقا . وقال أبو عبيدة : موعد للهلاك . الجوهري : وبق يبق وبوقا هلك ، والموبق مثل الموعد مفعل من وعد يعد ، ومنه قوله تعالى : " وجعلنا بينهم موبقا " . وفيه لغة أخرى : وبق يوبق وبقا . وفيه لغة ثالثة : بق يبق بالكسر فيهما ، وأوبقه أي أهلكه . وقال زهير :

ومن يشتري حسنَ الثناءِ بمالِه *** يَصُنْ عرضَه من كل شَنْعَاءِ موبق

قال الفراء : جعل تواصلهم في الدنيا مهلكا لهم في الآخرة .


[10576]:راجع جـ 8 ص 333.
[10577]:في الأصول: يزيد وهو تحريف، والتصويب عن "التهذيب".