البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَيَوۡمَ يَقُولُ نَادُواْ شُرَكَآءِيَ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُمۡ فَدَعَوۡهُمۡ فَلَمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَهُمۡ وَجَعَلۡنَا بَيۡنَهُم مَّوۡبِقٗا} (52)

وقرأ الجمهور { ويوم يقول } بالياء أي الله .

وقرأ الأعمش وطلحة ويحيى وابن أبي ليلى وحمزة وابن مقسم : نقول بنون العظمة أي للذين أشركوا به في الدنيا { نادوا شركائي } وليس المعنى أنه تعالى أخبر أنهم شركاؤه ولكن ذلك على زعمكم ، والإضافة تكون بأدنى ملابسة ومفعولاً { زعمتم } محذوفان لدلالة المعنى عليهما إذ التقدير زعمتموهم شركائي والنداء بمعنى الاستغاثة ، أي استغيثوا بشركائكم والمراد نادوهم لدفع العذاب عنكم أو للشفاعة لكم ، والظاهر أن الضمير في { بينهم } عائد على الداعين والمدعوين وهم المشركون والشركاء .

وقيل : يعود على أهل الهدى وأهل الضلالة ، والظاهر وقوع الدعاء حقيقة وانتفاء الإجابة .

وقيل : يحتمل أن يكون استعارة كأن فكرة الكافر ونظره في أن تلك الجمادات لا تغني شيئاً ولا تنفع هي بمنزلة الدعاء وترك الإجابة .

وقرأ الجمهور { شركائي } ممدوداً مضافاً للياء ، وابن كثير وأهل مكة مقصوراً مضافاً لها أيضاً ، والظاهر انتصاب { بينهم } على الظرف .

وقال الفراء : البين هنا الوصل أي { وجعلنا } نواصلهم في الدنيا هلاكاً يوم القيامة ، فعلى هذا يكون مفعولاً أول لجعلنا ، وعلى الظرف يكون في موضع المفعول الثاني .

الموبق المهلك يقال : وبق يوبق وبقاً ووبق يبق وبوقاً إذا هلك فهو وابق ، وأوبقته ذنوبه أهلكته .

وقال ابن عباس وقتادة والضحاك : الموبق المهلك .

وقال الزجاج : جعلنا بينهم من العذاب ما يوبقهم .

وقال عبد الله بن عمر وأنس ومجاهد : واد في جهنم يجري بدم وصديد .

وقال الحسن : عداوة .

وقال الربيع بن أنس : إنه المجلس .

وقال أبو عبيدة : الموعد .