الأولى : قوله تعالى : " فإذا قضيتم مناسككم " قال مجاهد : المناسك الذبائح وهراقة الدماء . وقيل : هي شعائر الحج ، لقوله عليه السلام : ( خذوا عني مناسككم ) . المعنى : فإذا فعلتم منسكا من مناسك الحج فاذكروا الله وأثنوا عليه بآلائه عندكم . وأبو عمرو يدغم الكاف في الكاف وكذلك " ما سلككم " لأنهما مثلان و " قضيتم " هنا بمعنى أديتم وفرغتم ، قال الله تعالى : " فإذا قضيت الصلاة{[1819]} " [ الجمعة :10 ] أي أديتم الجمعة . وقد يعبر بالقضاء عما فعل من العبادات خارج وقتها المحدود لها .
الثانية : قوله تعالى : " فاذكروا الله كذكركم آباءكم " كانت عادة العرب إذا قضت حجها تقف عند الجمرة ، فتفاخر بالآباء ، وتذكر أيام أسلافها من بسالة وكرم ، وغير ذلك ، حتى أن الواحد منهم ليقول : اللهم إن أبي كان عظيم القبة ، عظيم الجفنة{[1820]} ، كثير المال ، فأعطني مثل ما أعطيته فلا يذكر غير أبيه ، فنزلت الآية ليلزموا أنفسهم ذكر الله أكثر من التزامهم ذكر آبائهم أيام الجاهلية هذا قول جمهور المفسرين . وقال ابن عباس وعطاء والضحاك والربيع : معنى الآية واذكروا الله كذكر الأطفال آباءهم وأمهاتهم : أبَه أمَّه ، أي فاستغيثوا به والجؤوا إليه كما كنتم تفعلون في حال صغركم بآبائكم . وقالت طائفة : معنى الآية اذكروا الله وعظموه وذبوا عن حرمه ، وادفعوا من أراد الشرك في دينه ومشاعره ، كما تذكرون آباءكم بالخير إذا غض أحد منهم ، وتحمون جوانبهم وتذبون عنهم . وقال أبو الجوزاء لابن عباس : إن الرجل اليوم لا يذكر أباه ، فما معنى الآية ؟ قال : ليس كذلك ، ولكن أن تغضب لله تعالى إذا عصي أشد من غضبك لوالديك إذا شتما والكاف من قول " كذكركم " في موضع نصب ، أي ذكرا كذكركم . " أو أشد " قال الزجاج : " أو أشد " في موضع خفض عطفا على ذكركم ، المعنى : أو كأشد ذكرا ، ولم ينصرف لأنه " أفعل " صفة ، ويجوز أن يكون في موضع نصب بمعنى أو اذكروه أشد . و " ذكرا " نصب على البيان .
قوله تعالى : " فمن الناس من يقول ربنا " " من " في موضع رفع بالابتداء وإن شئت بالصفة يقول " ربنا آتنا في الدنيا " صلة " من " والمراد المشركون . قال أبو وائل والسدي وابن زيد : كانت العرب في الجاهلية تدعو في مصالح الدنيا فقط ، فكانوا يسألون الإبل والغنم والظفر بالعدو ، ولا يطلبون الآخرة ، إذ كانوا لا يعرفونها ولا يؤمنون بها ، فنهوا عن ذلك الدعاء المخصوص بأمر الدنيا ، وجاء النهي في صيغة الخبر عنهم ويجوز أن يتناول هذا الوعيد المؤمن أيضا إذا قصر دعواته في الدنيا ، وعلى هذا ف " ما له في الآخرة من خلاق " أي كخلاق الذي يسأل الآخرة والخلاق النصيب . و " من " زائدة وقد تقدم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.