وقوله تعالى : { فَإِذَا قَضَيْتُم مناسككم }[ البقرة :200 ] .
قال مجاهد : المناسكُ : الذبائحُ ، وهي إِراقة الدِّماء .
( ع ) والمناسكُ عندي : العباداتُ في معالمِ الحجِّ ، ومواضع النسك فيه .
والمعنى : إِذا فرغتُمْ من حجِّكم الذي هو الوقوفُ بعرفة ، فاذكروا اللَّه بمحامده ، وأثْنُوا عليه بآلائه عندكم ، وكانت عادَةُ العَرَبِ إِذا قَضَتْ حجَّها تقفُ عند الجَمْرة ، تتفاخَرُ بالآباء ، وتذكر أيام أسلافها من بَسَالةٍ وكَرَم ، وغير ذلك فنزلَتِ الآية ، أنْ يُلْزِموا أنفسهم ذكر الله تعالى أكثر من التزامهم ذكر آبائهم بأيامِ الجاهلية ، هذا قول جمهور المفسِّرين .
وقال ابن عبَّاس ، وعطاء : معنى الآيةِ : واذكروا اللَّه ، كذكر الأطفال آباءهم وأمهاتهمْ ، أي : فاستغيثوا به ، والْجأوا إِليه .
قال النوويُّ في " حليته " : والمرادُ من الذِّكْر حضورُ القَلْب ، فينبغي أن يكون هو مقصودَ الذاكر ، فيحرص على تحصيله ، ويتدبَّر ما يذكر ، ويتعقَّل معناه ، فالتدبُّر في الذكْر مطلوبٌ ، كما هو مطلوب في القراءة ، لاشتراكهما في المعنَى المقصود ، ولهذا كان المذهبُ الصحيحُ المختارُ استحبابَ مَدِّ الذاكرِ قوله : «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ » ، لما فيه من التدبُّر ، وأقوالُ السلفِ ، وأئمةِ الخَلَف في هذا مشهورةٌ ، انتهى .
قال الشيخُ العارفُ أبو عبد اللَّه محمَّد بن أحمد الأنصاريُّ الساحليُّ المَالقِيُّ : ومنفعةُ الذكْرِ أبداً إِنما هي تَتْبع معناه بالفكْرِ ، ليقتبس الذاكِرُ من ذُكْرِهِ أنوار المعرفة ، ويحصل على اللُّبِّ المراد ، ولا خير في ذِكْرٍ مع قَلْبٍ غافلٍ ساهٍ ، ولا مع تضْييعِ شيءٍ من رسوم الشرعِ ، وقال في موضعٍ آخر من هذا الكتاب الذي ألَّفه في السُّلوك : ولا مَطْمع للذَّاكر في دَرْكِ حقائقِ الذِّكْرِ إِلا بإِعمال الفكْر فيما تحْت ألفاظ الذكْر من المعانِي ، وليدفع خَطَرات نفْسه عن باطنه ، راجِعاً إِلى مقتضى ذكْره ، حتى يغلب معنى الذكْر على قلبه ، وقد آن له أنْ يدخل في دائرة أهْل المحاضَرَات ، انتهى .
وقوله تعالى : { فَمِنَ الناس مَن يَقُولُ رَبَّنَا ءاتِنَا فِي الدنيا . . . } [ البقرة :200 ] .
قال أبو وائلٍ وغيره : كانت عادتهم في الجاهلية الدُّعَاءَ في مصالحِ الدنْيا ، فقطْ ، إذ كانوا لا يعرفون الآخرةَ ، فَنُهُوا عن ذلك الدعاءِ المخصوصِ بأمر الدنيا ، وجاء النهْيُ في صيغة الخبر عنه ، و{ الخَلاَقُ } : الحظُّ والنصيبُ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.