مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{فَإِذَا قَضَيۡتُم مَّنَٰسِكَكُمۡ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرٗاۗ فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنۡ خَلَٰقٖ} (200)

{ فَإِذَا قَضَيْتُم مناسككم } فإذا فرغتم من عباداتكم التي أمرتم بها في الحج ونفرتم { فاذكروا الله كَذِكْرِكُمْ ءَابَاءَكُمْ } أي فاذكروا الله ذكراً مثل ذكركم آباءكم . والمعنى فأكثروا من ذكر الله وبالغوا فيه كما تفعلون في ذكر آبائكم ومفاخرهم وأيامهم . وكانوا إذا قضوا مناسكهم وقفوا بين المسجد بمنى وبين الجبل فيعددون فضائل آبائهم ويذكرون محاسن أيامهم { أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا } أي أكثر . وهو في موضع جر عطف على ما أضيف إليه الذكر في قوله «كذكركم » كما تقولون كذكر قريش آباءَهم أو قوم أشد منهم ذكراً و«ذكراً » تمييز .

{ فَمِنَ الناس مَن يَقُولُ } فمن الذين يشهدون الحج من يسأل الله حظوظ الدنيا فيقول { رَبَّنَا ءَاتِنَا فِى الدنيا } اجعل إيتاءنا أي إعطاءنا في الدنيا خاصة يعني الجاه والغنى { وَمَا لَهُ فِى الآخرة مِنْ خلاق } نصيب لأن همه مقصور على الدنيا لكفره بالآخرة . والمعنى أكثروا ذكر الله ودعاءه لأن الناس من بين مقل لا يطلب بذكر الله إلا أغراض الدنيا ، ومكثر يطلب خير الدارين فكونوا من المكثرين أي من الذين قيل فيهم