النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{فَإِذَا قَضَيۡتُم مَّنَٰسِكَكُمۡ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرٗاۗ فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنۡ خَلَٰقٖ} (200)

قوله تعالى : { فَإذَا قَضَيتُم مَّنَاسِكَكُمْ } أما المناسك ، فهي المتعبدات ، وفيها ها هنا تأويلان :

أحدهما : أنها الذبائح ، وهذا قول مجاهد .

والثاني : ما أمروا بفعله في الحج ، وهذا قول الحسن البصري .

وفي قوله تعالى : { فَاذْكُرُواْ اللهَ } تأويلان :

أحدهما : أن هذا الذكر هو التكبير في أيام مِنى .

والثاني : أنه جميع ما سُنَّ من الأدعية في مواطن الحج كلها .

وفي قوله تعالى : { كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً } ثلاثة تأويلات :

أحدها : أنهم كانوا إذا فرغوا من حجهم في الجاهلية جلسوا في منى حَلَقاً وافتخروا بمناقب آبائهم ، فأنزل الله تعالى ذكره { فَاذْكُرُواْ اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبآءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً } ، وهذا قول مجاهد ، وقتادة .

والثاني : أن معناه ، فاذكروا الله كذكركم الأبناء الصغار{[296]} للآباء ، إذا قالوا : أبَهْ أُمَّه ، وهذا قول عطاء ، والضحاك .

والثالث : أنهم كانوا يدعون ، فيقول الواحد منهم : اللهم إن أبي كان عظيم الجفنة ، عظيم القبّة ، كثير المال ، فاعطني مثل ما أعطيته ، فلا يذكر غير أبيه ، فأُمِرُوا بذكر الله ، كذكرهم آباءهم ، أو أشد ذكراً ، وهو قول السدي{[297]} .


[296]:- أي فاستغيثوا به والجؤوا إليه كما كنتم تفعلون في صغركم بآبائكم.
[297]:- وبه قال جمهور المفسرين.