جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{فَإِذَا قَضَيۡتُم مَّنَٰسِكَكُمۡ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرٗاۗ فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنۡ خَلَٰقٖ} (200)

{ فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ } : فرغتم من العبادات الحجية ، { فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ } ، أهل الجاهلية يقفون ويذكرون مفاخر آبائهم ، فأمرهم الله بذكره كذكرهم مفاخر آبائهم ، أو كقول الصبي : أبه أمه ، كما يلهج الصبي بذكر أبيه وأمه فالهجوا أنتم بذكر الله بعد النسك ، { أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً } ، عطف على كذكركم ، أو على ذكركم ، والمعنى : ذكراً أشد ذكراً على الإسناد المجازي ، وصفا للشيء بوصف صاحبه كشديد الصفرة صفرته ، أو عطف على آبائكم ، أي : كذكركم قوما أشد مذكور به من آبائكم وأما عطفه {[347]} على الضمير المضاف إليه لكذكركم فضعيف ، قيل : أو بمعنى بل ، { فَمِنَ {[348]} النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا } ، أي : اجعل إعطاءنا في الدنيا خاصة {[349]} ، { وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ } ، نصيب أو من طلب خلاف .


[347]:للعطف على الضمير المجرور بدون إعادة الجار، والزمخشري قد منعه في قوله تعالى: "تساءلون به والأرحام" [النساء:1]، وأما الأجوبة بأن المنع إذا كان الجار حرفاً، أو بأن المجرور هاهنا في حكم المنفصل لأنه فاعل المصدر، أو بأن المراد العطف من حيث المعنى فضعيف كلها/12 منه، أما بحسب اللفظ فهو على حذف مضاف معطوف على الذكر، أي: وذكر قوم أشد ذكراً فهو أيضا ضعيف كما لا يخفى 12/ منه
[348]:هذا تقسيم للمأمورين بالذكر بعد الفراغ من المناسك وفيه التفات لأن الظاهر أن يقول فمنكم ومنكم/12 منه
[349]:عن ابن عباس، كان قوم من الأعراب يأتون الموقف فيقولون: اللهم اجعله لنا عام غيث وعام خصب وعام أولاد، لا يذكرون من أمر الآخرة شيئا فذمهم الله سبحانه تنفيراً عن التشبه بهم/12 منه