بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَإِذَا قَضَيۡتُم مَّنَٰسِكَكُمۡ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرٗاۗ فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنۡ خَلَٰقٖ} (200)

ثم قال تعالى : { فَإِذَا قَضَيْتُم مناسككم } ، أي فرغتم من أمر حجكم { فاذكروا الله } باللسان { كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ } في ذلك الموقف { أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا } ؛ يقول : أو أكثر ذكراً ، وذلك أن العرب كانوا إذا فرغوا من حجهم ، وقفوا بين المسجد الذي بمنى وبين الجبل ، ثم ذكر كل واحد منهم أباه بما كان يعلم منه من الخير ثم يتفرقون ، قال الله تعالى : فَاذْكُرُونِي بالخير { كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ } بالخير ، فإن ذلك الخير مني . وقال عطاء بن أبي رباح : قوله : { كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ } هو كقول الصبي : أبه أبه ، يعني أن الصبي إذا كان أول ما يتكلم فإن أكثر قوله : أب أب . ويقال { فاذكروا الله كذكركم } آباءكم لأبيكم آدم ، لأنه لا أب له ، بل { أشد ذكرا }ً ، لأني خلقته من غير أب ولا أم وخلقتكم من الآباء والأمهات .

ثم قال تعالى : { فَمِنَ الناس مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِى الدنيا } ، وهم المشركون كانوا يقولون إذا وقفوا : اللهم ارزقنا إبلاً وبقراً وغنماً وعبيداً وإماءً وأموالاً ، ولم يكونوا يسألون لأنفسهم التوبة ولا المغفرة ، فأنزل الله تعالى : { فَمِنَ الناس مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِى الدنيا } . { وَمَا لَهُ فِي الآخرة مِنْ خلاق } ، أي من نصيب .