لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ} (1)

مقدمة السورة:

قوله جل ذكره : { تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ } : أي هذا كتابٌ عزيزٌ نَزَلَ من ربِّ عزيز على عبدٍ عزيز بلسان مَلَكٍ عزيز في شأنِ أَمةٍ عزيزة بأمرٍ عزيز . وفي ورود الرسولِ به من الحبيب الأول نزهةٌ لقلوب الأحباب بعد ذبول غصن سرورها ، وارتياحٌ عند قراءة فصولها .

وكتابُ موسى في الألواح التي كان منها يقرأ موسى ، وكتابُ نبيَّنا صلى الله عليه وسلم نَزَلَ به الروحُ الأمينُ على قلبِ المصطفى صلوات الله عليه . . . وفَصْلٌ بين من يكون كتابُ ربِّه مكتوباُ في ألواحه ، وبين من يكون خطابُ ربِّه محفوظاً في قلبه ، وكذلك أمته ، قال تعالى : { بَلْ هُوَ آيَاتُ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ } [ العنكبوت : 49 ] .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة :

هذه السورة مكية كلها في قول أكثر العلماء . وقيل : باستثناء آيتين فهم مدنيتان . وقيل : باستثناء سبع آيات .

وهذه السورة مما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأه من القرآن في كل ليلة . وهي سورة تتندّى منها الآيات والعبر وتفيض منها المواعظ والدلائل وألوان المعاني . ويأتي في طليعة ذلك كله التنديد بالشرك وعبادة الأوثان واتخاذ الأنداد والشركاء من دون الله .

وفي السورة تحضيض عظيم ومؤثر على الإيمان وحده وإفراده بالإلهية فالله وحده الخالق المعبود ، وما سواه من أجزاء هذا الوجود خليق به أن يذعن لله بالخضوع والاستسلام .

وتتضمن السورة حججا وبينات شتى في الحياة والطبيعة على عظيم صنع الله وبالغ حكمته وقدرته .

وفي السورة إنذار من الله مجلجل ومخُوف بأن الناس جميعا ميتون لا محالة .

فالخليقة صائرة إلى نهايتها المحتومة التي لا ريب فيها وهي الموت . { إنك ميَّت وإنهم ميّتون } .

وفي السورة بيان من الله مذهل بما هو آتٍ على الكون نمن نفخ في الصور . وهما نفختان عظيمتان مريعتان . فنفخة الصعق لتموت الأحياء كافة ، ثم نفخة البعث والنشور لملاقاة الحساب ، ثم يساق بعد ذلك زمرا فإما إلى الجنة وإما إلى النار .

{ تَنْزِيلُ } مرفوع على أنه مبتدأ . و { مِنَ اللَّهِ } خبر . أو يكون { تَنْزِيلُ } خبرا لمبتدأ محذوف وتقديره : هذا تنزيل . والمراد بالكتاب القرآن ؛ فهو تنزيل من عند الله { الْعَزِيزِ } أي القوي ، المنيع الجناب { الْحَكِيمِ } في أقواله وأفعاله وأحكامه وتقديره وتدبيره .