لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرۡبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَثۡخَنتُمُوهُمۡ فَشُدُّواْ ٱلۡوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلۡحَرۡبُ أَوۡزَارَهَاۚ ذَٰلِكَۖ وَلَوۡ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَاْ بَعۡضَكُم بِبَعۡضٖۗ وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (4)

قوله جل ذكره : { فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا } .

إذا حَصَلَ الظَّفَرُ بالعدوِّ فالعفُو عنهم وتَرْكُ المبالغةِ في التشديد عليهم - للندم مُوجِبٌ ، وللفرصةِ تضييعٌ ؛ بل الواجبُ إزهاقُ نفوسِهم ، واستئصالُ أصولِهم ، واقتلاعُ شَجَرِهم من أصله .

وكذلك العبدُ إذا ظفر بنفْسه فلا ينبغي أن يُبْقِيَ بعد انتفاش شوكها بقيةً من الحياة ، فَمَنْ وضع عليها إصبعاً بَثَّتْ سُمَّها فيه .

{ فَإِمَّا مَنَّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً } ذلك إذا رجا المسلمون في ذلك غبطةً أو فائدةً ؛ مثل إفراج الكفَّارِ عن قومٍ من المسلمين ، أو بسبب ما يؤخذ من الفِداء . . وأمثال هذا ، فحينئذٍ ذلك مُسَلّمٌ على ما يراه الإمام .

كذلك حال المجاهدة مع النَّفْس : حيث يكون في إغفاءِ ساعةٍ أو في إفطارِ يوم ترويحٌ للنفس من الكَدِّ ، وتقويةٌ على الجهد فيما يستقبل من الأمر- فذلك مطلوبٌ حسبما يحصل به الاستصوابُ من شيخ المريد ، أو فتوى لسانِ الوقت ، أو فراسة صاحب المجاهدة .

5

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرۡبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَثۡخَنتُمُوهُمۡ فَشُدُّواْ ٱلۡوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلۡحَرۡبُ أَوۡزَارَهَاۚ ذَٰلِكَۖ وَلَوۡ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَاْ بَعۡضَكُم بِبَعۡضٖۗ وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (4)

فضرب الرقاب : فاضربوا رقابهم ضرباً واقتلوهم .

أثخنتموهم : أكثرتم فيهم القتل .

فشدّوا الوثاق : فأسِروهم واربطوهم . الوثاق بفتح الواو وكسرها ما يوثق به .

فإما منّاً بعدُ وإما فداء : فإما أن تطلقوا سراحهم بدون فداء ، وإما أن يفدوا أنفسهم بشيء من المال .

حتى تضع الحرب أوزارها : حتى تنتهي الحرب ، الأوزار : أثقال الحرب من سلاح وغيره .

ثم بعد ذلك ذكر الله تعالى هنا وجوبَ القتال وأذِن به بعد أن استقر المؤمنون في المدينة ، وبدأوا في تأسيس الدولة الإسلامية . وتبين هذه الآية والآياتُ التي قبلها مشروعيةَ القتال للدفاع عن العقيدة والوطن . فإذا لقيتم الذين كفروا في الحرب فاضرِبوا رقابَهم ، حتى إذا أضعفتموهم بكثرة القتل فيهم فأحكِموا قيد الأسرى ، وبعد ذلك لكم الخيار : إما أن تُطلقوا الأسرى أو بعضَهم بغير فداء وتمنُّوا عليهم بذلك ، وإما أن تأخذوا منهم الفدية ، أو تبادلوا بهم بالمسلمين ممن يقع في الأسر . وليكن هذا شأنكم مع الكافرين حتى تنتهي الحرب وتضع أوزارها .

ثم بين الله تعالى أن هذه هي السنّة التي أرادها من حرب المشركين ، ولو شاء لانتقم منهم بلا حرب ولا قتال ، ولكنه ليختبر المؤمنين بالكافرين شرع الجهاد .

قراءات :

قرأ أهل البصرة وحفص : والذين قُتلوا . بضم القاف وكسر التاء . والباقون والذين قاتلوا .