لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{وَإِذۡ صَرَفۡنَآ إِلَيۡكَ نَفَرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوٓاْ أَنصِتُواْۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوۡاْ إِلَىٰ قَوۡمِهِم مُّنذِرِينَ} (29)

قوله جل ذكره : { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ } .

كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مبعوثاً إلى الجنِّ كما كان مبعوثاً إلى الإنس . وإن قوماً أتوه ليلة الجن وآمنوا به ، ورجعوا إلى قومهم فأخبروهم ، وآمن قومٌ منهم ، فاليومَ في الجن مؤمنون ، وفيهم كافرون .

{ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُواْ أَنصِتُوا } الصيحةُ على الباب وفوق البساط غيبةٌ ؛ ولهذا لما حضر الجنُّ بساطَ خدمته - صلى الله عليه وسلم - تواصوا فيما بينهم بحفظ الأدب ، وقالوا لما حضروا بساطَه : { أَنصِتُواْ } ، فأهلُ الحضور صفتُهم الذبولُ والسكونُ ، والهيبة والوقار . والثورانُ أو الإنزعاجُ يدل على غيبة أو قِلّةِ تيقُّظِ أو نقصان اطلاع . { فَلَمَّا قَضَى } يعني الوحي { وَلَّوْاْ إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } وأخبروهم بما رأوه وسمعوه .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَإِذۡ صَرَفۡنَآ إِلَيۡكَ نَفَرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوٓاْ أَنصِتُواْۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوۡاْ إِلَىٰ قَوۡمِهِم مُّنذِرِينَ} (29)

صرَفَنا إليك : وجّهنا إليك .

النفر : ما بين الثلاثة والعشرة .

قُضِيَ : فرغ من تلاوته .

ولّوا : رجعوا .

بعد أن ذكر اللهُ أن في الإنس من آمنَ ومنهم من كفر ، بيّن هنا أن الجنّ كذلك ، وأنهم عالَمٌ مستقلّ بذاته . ويجب أن نعلم أن عالَم الملائكة وعالَم الجن يختلفان عنا تمامَ الاختلاف ولا نعلم عنهما شيئا إلا من الأخبار التي جاءت بها الرسُل الكرام . ونحن نؤمن بوجودهما ، وأن النبيّ عليه الصلاة والسلام بلّغ الجنَّ رسالته كما ورد هنا وفي عدد من السور .

أخرج مسلم وأحمد والترمذي عن علقمة قال : قلت لعبدِ الله بن مسعود ، هل صحبَ رسولَ الله منكم أحد ليلة الجنّ ؟ قال ما صحبه منا أحد ، ولكنّا افتقدناه ذات ليلة ، فبتنا بشرِّ ليلة باتَ بها قوم . فلمّا كان وجه الصبح إذا نحن به يجيء من قِبَل حِراء ، فقال : أتاني داعي الجن فأتيتُهم فقرأتُ عليهم القرآن . فانطلق فأرانا آثارهم . . . الحديث .

وخلاصة معنى هذه الآية :

لقد وجّهنا إليك أيها الرسول مجموعة من الجن ليستمعوا القرآن ، فلما سمعوه قالوا : أنصِتوا . فلما فرغ من قراءته رجعوا إلى قومهم فأنذروهم .