لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَإِذَآ أَنۡعَمۡنَا عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ أَعۡرَضَ وَنَـَٔا بِجَانِبِهِۦ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٖ} (51)

قوله جل ذكره : { وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ } .

هو لا يميز بين البلاء والعطاء ؛ فكثيرٌ مما يتوهمه عطاءً هو مكرٌ واستدراجٌ . . وهو يستديمه . وكثيرٌ مما فضلٌ وصَرْفٌ وعطاءٌ يظنه من البلاء فيعافُه ويكرهه .

ويقال إذا أنعمنا عليه صاحَبَه بالبَطَر ، وإذا أبليناه قابَلَه بالضجر .

ويقال إذا أنعمنا عليه أُعُجِبَ بنفسه ، وتكبَّر مختالاً في زَهْوِه ، لا يشكر ربَّه ، ولا يذكر فضلَه ، ويتباعد عن بِساط طاعته .

والمستغني عنَّا يهيم على وجهه ، وإذا مسَّه الشرُّ فذو دعاءٍ كثيرٍ ، وتضرُّعٍ عريض ، وابتهالٍ شديد ، واستكشافٍ دائم .

ثم إذا كشفنا عنه ذلك فله إلى عُتُوِّه ونُبُوِّه عَوْدٌ ، ولسوء طريقته في الجحود إعادة .