السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِذَآ أَنۡعَمۡنَا عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ أَعۡرَضَ وَنَـَٔا بِجَانِبِهِۦ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٖ} (51)

ولما حكى الله تعالى أقوال الذي أنعم عليه بعد وقوعه في الآفات حكى أفعاله أيضاً فقال : { وإذا أنعمنا } أي : بما لنا من العظمة { على الإنسان } أي : الواقف مع نفسه نعمة تليق بعظمتنا { أعرض } أي : عن التعظيم لأمر الله تعالى والشفقة على خلق الله تعالى { ونأى } أي : أبعد بعداً جعل بيننا وبينه حجاباً عظيماً { بجانبه } أي : ثنى عطفه متبختراً { وإذا مسه الشر } أي : هذا النوع قليله وكثيره { فذو دعاء } أي : في كشفه وربما كان نعمة باطنة وهو لا يشعر ولا يدعو إلا عند المس ، وقد كان ينبغي له أن يشرع في الدعاء عند التوقع بل قبله تعرفاً إلى الله تعالى في الرخاء ليعرفه في الشدة وهو خلق شريف لا يفعله إلا أفراد خصهم الله بلطفه { عريض } أي : مديد العرض جداً وأما طوله فلا يسئل عنه ، وهذا كناية عن النهاية في الكثرة ، تقول العرب أطال فلان الدعاء وأعرض أي : أكثر .