إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَإِذَآ أَنۡعَمۡنَا عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ أَعۡرَضَ وَنَـَٔا بِجَانِبِهِۦ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٖ} (51)

{ وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإنسان أَعْرَضَ } أي عنِ الشكرِ { وَنَأَى بِجَانِبِهِ } أي ذهبَ بنفسِه وتباعدَ بكليتِه تكبيراً وتعظيماً والجانبُ مجازٌ عن النفسِ كما في قولِه تعالَى : { فِي جَنبِ الله }[ سورة الزمر ، الآية 56 ] ويجوزُ أن يرادَ به عِطْفُه ويكونَ عبارةً عن الانحرافِ والازورارِ كما قالُوا : «ثَنَى عِطْفَه وتولَّى بركنِه » : { وَإِذَا مَسَّهُ الشر فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ } أي كثيرٍ مستعارٌ مما لَه عَرْضٌ متسعٌ للإشعارِ بكثرتِه واستمرارِه وهو أبلغُ من الطويلُ إذ الطول أطولُ الامتدادينِ فإذا كان عرضُه كذلكَ فما ظنُّك بطولِه . ولعلَّ هذا شأنُ بعضٍ غيرِ البعضِ الذي حُكِيَ عنه اليأسُ والقنوطُ أو شأنُ الكلِّ في بعضِ الأوقاتِ .