هذا أيضاً ضرب آخر من طغيان الإنسان إذا أصابه الله بنعمة أبطرته النعمة ، وكأنه لم يلق بؤساً قط فنسى المنعم وأعرض عن شكرة { وَنَئَا بِجَانِبِهِ } أي ذهب بنفسه وتكبر وتعظم . وإن مسه الضرّ والفقر : أقبل على دوام الدعاء وأخذ في الابتهال والتضرع . وقد استعير العرض لكثرة الدعاء ودوامه وهو من صفة الأجرام ويستعار له الطويل أيضاً كما استعير الغلظ بشدّة العذاب . وقرىء «ونأى بجانبه » بإمالة الألف وكسر النون للإتباع . وناء على القلب ، كما قالوا : راء في رأي .
فإن قلت : حقق لي معنى قوله تعالى : { وَنَئَا بِجَانِبِهِ } قلت : فيه وجهان : أن يوضع جانبه موضع نفسه كما ذكرنا في قوله تعالى : { على مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ الله } [ الزمر : 56 ] أن مكان الشيء وجهته ينزل منزلة الشيء نفسه ، ومنه قوله :
. . . . . . . . . وَنَفَيْتُ عَنْه *** مَقَامَ الذِّئْبِ . . . . . . . . .
يريد : ونفيت عنه الذئب . ومنه : { ولمن خاف مقام ربه } [ الرحمن : 46 ] . ومنه قول الكتاب : حضرة فلان ومجلسه ، وكتبت إلى جهته وإلى جانبه العزيز ، يريدون نفسه وذاته ، فكأنه قال : ونأى بنفسه ، كقولهم في المتكبر ذهب بنفسه ، وذهبت به الخيلاء كل مذهب ، وعصفت به الخيلاء ؛ وأن يراد بجانبه : عطفه ، ويكون عبارة عن الانحراف والازورار ؛ كما قالوا : ثنى عطفه ، وتولى بركنه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.