الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَٱتَّخَذَ قَوۡمُ مُوسَىٰ مِنۢ بَعۡدِهِۦ مِنۡ حُلِيِّهِمۡ عِجۡلٗا جَسَدٗا لَّهُۥ خُوَارٌۚ أَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّهُۥ لَا يُكَلِّمُهُمۡ وَلَا يَهۡدِيهِمۡ سَبِيلًاۘ ٱتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَٰلِمِينَ} (148)

{ وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ } أي من بعد انطلاقه إلى الجبل { مِنْ حُلِيِّهِمْ } التي استعاروها من قوم فرعون .

وكانت بنو إسرائيل في القبط بمنزلة أهل الجزية في الإسلام ، وكان لهم يوم عيد يتزينون فيه ويستعيرون من القبط الحلي فزامن ذلك عيدهم فاستعادوا الحلي للقبط فلما أخرجهم الله من مصر وغرق فرعون بقيت تلك الحلي في أيديهم فاتخذ السامري منها عجلاً وهو ولد البقر { عِجْلاً جَسَداً } مجسّد لا روح فيه .

وقال وهب : جسداً لحماً ودماً { لَّهُ خُوَارٌ } وهو صوت البقر خار خورة واحدة ثمّ لم تعد . وقال وهب : كان يسمع منه الخوار إلاّ أنّه لا يتحرك . وقرأ عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه : خوار بالجيم والهمز وهو الصوت أيضاً واختلفت القراء في قوله [ حليهم ] ، فقرأ يعقوب بفتح الحاء وجزم اللام وتخفيف الياء على الواحد .

وقرأ حمزة والكسائي : حليّهم بكسر الحاء وتشديد الياء ، الباقون بضم الحاء وهما لغتان مثل [ صلى ] وجثى وبكى [ وعثى ] يجوز فيها الكسر والضم { أَلَمْ يَرَوْاْ } يعني الذين عبدوا العجل من دون الله { أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً } قال الله { اتَّخَذُوهُ } عبدوه واتخذوه إلهاً { وَكَانُواْ ظَالِمِينَ } كافرين