كذلك يمن عليهم ويبشرهم بأخرى غير هذه . لم يقدروا عليها بقوتهم ، ولكن الله تولاها عنهم بقدرته وتقديره : ( وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها ، وكان الله على كل شيء قديرا ) . .
وتختلف الروايات في هذه الأخرى . أهي فتح مكة ? أهي فتح خيبر ? أهي فتوح مملكتي كسرى وقيصر ? أهي فتوح المسلمين التي تلت هذه الوقعة جميعا ?
وأقرب ما يناسب السياق أن تكون هي فتح مكة . بعد صلح الحديبية وبسبب من هذا الصلح . الذي لم يدم سوى عامين ، ثم نقضه المشركون ، ففتح الله مكة للمسلمين بلا قتال تقريبا . وهي التي استعصت عليهم من قبل ، وهاجمتهم في عقر دارهم ، وردتهم عام الحديبية . ثم أحاط الله بها ، وسلمها لهم بلا قتال - ( وكان الله على كل شيء قديرا ) . . فهذه بشرى ملفوفة في هذا الموضع ، لم يحددها لأنها كانت عند نزول هذه الآية غيبا من غيب الله . أشار إليه هذه الإشارة لبث الطمأنينة والرضى والتطلع والاستبشار .
وقوله : { وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا } أي : وغنيمة أخرى وفتحا آخر معينا لم تكونوا تقدرون عليها ، قد يَسَّرها الله عليكم ، وأحاط بها لكم ، فإنه تعالى يرزق عباده المتقين له من حيث لا يحتسبون .
وقد اختلف المفسرون في هذه الغنيمة ، ما المراد بها ؟ فقال العَوْفي عن ابن عباس : هي خيبر . وهذا على قوله في قوله تعالى : { فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ } إنها صلح الحديبية . وقاله الضحاك ، وابن إسحاق ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم .
وقال قتادة : هي مكة . واختاره ابن جرير .
وقال ابن أبي ليلى ، والحسن البصري : هي فارس والروم .
وقال مجاهد : هي كل فتح وغنيمة إلى يوم القيامة .
وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا شعبة ، عن سماك الحنفي ، عن ابن عباس : { وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا } قال : هذه الفتوح التي تفتح إلى اليوم{[26863]} .
وقوله : { وأخرى لم تقدروا عليها } قال عبد الله بن عباس : الإشارة إلى بلاد فارس والروم . وقال الضحاك : الإشارة إلى خيبر . وقال قتادة والحسن : الإشارة إلى مكة ، وهذا هو القول الذي يتسق معه المعنى ويتأيد .
وقوله : { قد أحاط الله بها } معناه بالقدرة والقهر لأهلها ، أي قد سبق في علمه ذلك وظهر فيها أنهم لم يقدروا عليها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.