الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَأُخۡرَىٰ لَمۡ تَقۡدِرُواْ عَلَيۡهَا قَدۡ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٗا} (21)

قوله تعالى : " وأخرى " " أخرى " معطوفة على " هذه " ، أي فعجل لكم هذه المغانم ومغانم أخرى . " لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها " قال ابن عباس : هي الفتوح التي فتحت على المسلمين ، كأرض فارس والروم ، وجميع ما فتحه المسلمون . وهو قول الحسن ومقاتل وابن أبي ليلى . وعن ابن عباس أيضا والضحاك وابن زيد وابن إسحاق : هي خيبر ، وعدها الله نبيه قبل أن يفتحها ، ولم يكونوا يرجونها حتى أخبرهم الله بها . وعن الحسن أيضا وقتادة : هو فتح مكة . وقال عكرمة : حنين ، لأنه قال : " لم تقدروا عليها " . وهذا يدل على تقدم محاولة لها وفوات درك المطلوب في الحال كما كان في مكة ، قاله القشيري . وقال مجاهد : هي ما يكون إلى يوم القيامة . ومعنى " قد أحاط الله بها " : أي أعدها لكم . فهي كالشيء الذي قد أحيط به من جوانبه ، فهو محصور لا يفوت ، فأنتم وإن لم تقدروا عليها في الحال فهي محبوسة عليكم لا تفوتكم . وقيل : " أحاط الله بها " علم أنها ستكون لكم ، كسا قال : " وأن الله قد أحاط بكل شيء علما " {[14014]} [ الطلاق : 12 ] . وقيل : حفظها الله عليكم . ليكون فتحها لكم . " وكان الله على كل شيء قديرا " .


[14014]:آية 12 سورة الطلاق.