قوله : «وأخرى » يجوز فيها أوجه :
أحدها : أن تكون مرفوعة بالابتداء و{ لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا } صفتها و{ قَدْ أَحَاطَ الله بِهَا } خبرها .
الثاني : أن الخبر «منهم » محذوف مقدر قبلها ، أي وَثَمَّ أخرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا .
الثالث : أن تكون منصوبة بفعل مضمر على شريطة التفسير ، فتقدر بالفعل من معنى المتأخر وهو { قَدْ أَحَاطَ الله بِهَا } أي وقَضَى اللهُ أُخَْرَى .
( الرابع : أن تكون منصوبة بفعل مضمر لا على شريطة التفسير ، بل لِدَلاَلة السِّياقِ ، أي ووَعَدَ أُخْرَى ، أو وآتاكُمْ أخرى{[51762]} .
الخامس : أن تكون مجرورة ب «رُبَّ » مقدرة ، ويكون الواو واو «رب » ذكره الزمخشري{[51763]} . وفي المجرور بعد الواو المذكورة خلاف{[51764]} مشهور أهو برُبَّ مضمرة أم بنفس الواو ؟ إلا أبا حيان قال : ولم تأت «رُبَّ » جارة في القرآن على كَثْرة دورها{[51765]} ، يعني جارة لفظاً وإلا تقدر . قيل : إنها جارة تقديراً هنا وفي قوله : { رُّبَمَا } [ الحجر : 2 ] على قولنا : إنّ ما نكرة موصوفةٌ ){[51766]} .
قوله : { قَدْ أَحَاطَ الله بِهَا } يجوز أن يكون خبراً ل «أُخْرَى » كما تقدم ، أو صفة ثانية إذَا قِيلَ بأن أخرى مبتدأ وخبرها{[51767]} مضمر أو حالاً{[51768]} أيضاَ .
قال المفسرون : معناه أي وعدكم فتح بلدة أخرى لم تقِدروا عليها قد أحاط الله بها حتى يفتحها لكم كأنه حفظها لكم ، ومنعها من غيركم حتى تأخذوها . قال ابن عباس ( رضي الله عنهما ){[51769]} علم الله أنه يفتحها لكم . قال ابن الخطيب : تقديره : وعدكم الله مغانم تأخذونها ، ومغانم لا تأخذونها أنتم ولا تقدرون عليها ، وإنما يأخذها من يجيء بعدكم من المؤمنين . وهذا تفسير الفراء{[51770]} . قال : معنى قوله : { قَدْ أَحَاطَ الله بِهَا } أي حفظها للمؤمنين ، لا يجري عليها هلاك وفناء إلى أن يأخذها المسلمون كإحاطة الحُرَّاسِ بالخَزَائِنِ{[51771]} .
واختلفوا فيها فقال ابنُ عباس والحسن ومقاتل : هي فارس والرومُ ، وما كانت العرب تقدر على قتال فارس والروم ، بل كانوا حولاً لهم حتى قدروا عليها الإسلام .
وقال الضَّحَّاكُ وابنُ زيد : هي خيبر وعدها الله عزّ وجلّ نبيه صلى الله عليه وسلم قبل أن يصيبها ولم يكونوا يرجونها . وقال قتادة : هي مكَّة . وقال عِكْرِمَةُ : حُنَيْن . وقال مجاهد : وما فَتَحُوا حتى اليوم ، { وَكَانَ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً }{[51772]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.