إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَأُخۡرَىٰ لَمۡ تَقۡدِرُواْ عَلَيۡهَا قَدۡ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٗا} (21)

{ وأخرى } عطف على هذه أي فعجِلَ لكم هذه المغانمَ ومغانمَ أُخرى { لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا } وهي مغانمُ هوازنَ في غزوةِ حُنينٍ ووصفُها بعدمِ القدرةِ عليها لما كانَ فيها من الجولةِ قبل ذلكَ لزيادةِ ترغيبِهم فيها وقولُه تعالى : { قَدْ أَحَاطَ الله بِهَا } صفةٌ أُخرى لأُخرى مفيدةٌ لسهولةِ تأتِّيها بالنسبةِ إلى قُدرتِه تعالى بعد بيانِ صعوبةِ منالها بالنظرِ إلى قدرتِهم أي قدَر الله عليها واستولَى وأظهركُم عليها وقيل : حفظَها لكُم ومنعها من غيرِكم هذا وقد قيلَ : إنَّ أُخرى منصوبٌ بمضمرٍ يُفسرِه قد أحاطَ الله بَها أي وقضى الله أُخرى ولا ريبَ في أن الإخبارَ بقضاءِ الله إيَّاها بعد اندراجِها في جُملةِ المغانمِ الموعودةِ بقولِه تعالى : { وَعَدَكُمُ الله مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا } [ سورة الفتح ؛ الآية 20 ] ليس فيه مزيدُ فائدةٍ وإنما الفائدةُ في بيانِ تعجيلِها . { وَكَانَ الله على كُلّ شَيء قَدِيراً } لأن قدرتَهُ تعالى ذاتيةٌ لا تختصُّ بشيءٍ دونَ شيءٍ .