البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَأُخۡرَىٰ لَمۡ تَقۡدِرُواْ عَلَيۡهَا قَدۡ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٗا} (21)

{ وأخرى لم تقدروا عليها } ، قال ابن عباس ، والحسن ، ومقاتل : بلاد فارس والروم وما فتحه المسلمون .

وقال الضحاك ، وابن زيد ، وابن اسحاق : خيبر .

وقال قتادة ، والحسن : مكة ، وهذا القول يتسق معه المعنى ويتأيد .

وفي قوله : { لم تقدروا عليها } دلالة على تقدم محاولة لها ، وفوات درك المطلوب في الحال ، كما كان في مكة .

وقال الزمخشري : هي مغانم هوازن في غزوة حنين .

وقال : { لم تقدروا عليها } ، لما كان فيها من الجولة ، وجوز الزمخشري في : { وأخرى } ، أن تكون مجرورة بإضمار رب ، وهذا فيه غرابة ، لأن رب لم تأت في القرآن جارة ، مع كثرة ورود ذلك في كلام العرب ، فكيف يؤتى بها مضمرة ؟ وإنما يظهر أن { وأخرى } مرفوع بالابتداء ، فقد وصفت بالجملة بعدها ، وقد أحاط هو الخبر .

ويجوز أن تكون في موضع نصب بمضمر يفسره معنى { قد أحاط الله بها } : أي وقضى الله أخرى .

وقد ذكر الزمخشري هذين الوجهين ومعنى { قد أحاط الله بها } بالقدرة والقهر لأهلها ، أي قد سبق في علمه ذلك ، وظهر فيها أنهم لم يقدروا عليها .