في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَهُمۡ يَصۡطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخۡرِجۡنَا نَعۡمَلۡ صَٰلِحًا غَيۡرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعۡمَلُۚ أَوَلَمۡ نُعَمِّرۡكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُۖ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} (37)

27

ثم ها نحن أولاء يطرق أسماعنا صوت غليظ محشرج مختلط الأصداء ، متناوح من شتى الأرجاء . إنه صوت المنبوذين في جهنم :

( وهم يصطرخون فيها )

وجرس اللفظ نفسه يلقي في الحس هذه المعاني جميعاً . . فلنتبين من ذلك الصوت الغليظ ماذا يقول . إنه يقول :

( ربنا أخرجنا نعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل ) . .

إنه الإنابة والاعتراف والندم إذن . ولكن بعد فوات الأوان . فها نحن أولاء نسمع الرد الحاسم يحمل التأنيب القاسي :

( أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ? ) . .

فلم تنتفعوا بهذه الفسحة من العمر ، وهي كافية للتذكر لمن أراد أن يتذكر .

( وجاءكم النذير ) . .

زيادة في التنبيه والتحذير . فلم تتذكروا ولم تحذروا .

( فذوقوا . فما للظالمين من نصير ) . .

إنهما صورتان متقابلتان : صورة الأمن والراحة ، تقابلها صورة القلق والاضطراب . ونغمة الشكر والدعاء تقابلها ضجة الاصطراخ والنداء . ومظهر العناية والتكريم ، يقابله مظهر الإهمال والتأنيب . والجرس اللين والإيقاع الرتيب ، يقابلهما الجرس الغليظ والإيقاع العنيف . فيتم التقابل ، ويتم التناسق في الجزئيات وفي الكليات سواء .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَهُمۡ يَصۡطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخۡرِجۡنَا نَعۡمَلۡ صَٰلِحًا غَيۡرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعۡمَلُۚ أَوَلَمۡ نُعَمِّرۡكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُۖ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} (37)

يصطرخون : يصيحون أشد الصياح للاستغاثة .

نعمّركم : نمهلكم .

وهم من شدة العذاب يستغيثون فيها قائلون : ربنا ، أخرِجنا من النار حتى نعملَ صالحاً غير الذي كنا نعمله في الدنيا ، فيقول لهم : { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ }

ألم نمكّنكم من العمل ونُطِلْ أعماركم زمنا يمكن فيه التدبر لِمَنْ يريد ذلك ؟ لقد جاءكم الرسول يحذّركم من هذا العذاب . . . . فذوقوا في جهنم جزاء ظُلمكم ومخالفتكم للأنبياء في حياتكم الدنيا ، { فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } .