في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَعۡرَضُواْ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ سَيۡلَ ٱلۡعَرِمِ وَبَدَّلۡنَٰهُم بِجَنَّتَيۡهِمۡ جَنَّتَيۡنِ ذَوَاتَيۡ أُكُلٍ خَمۡطٖ وَأَثۡلٖ وَشَيۡءٖ مِّن سِدۡرٖ قَلِيلٖ} (16)

10

( فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم ، وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل : خمط وأثل وشيء من سدر قليل ) . .

أعرضوا عن شكر الله ، وعن العمل الصالح ، والتصرف الحميد فيما أنعم الله عليهم ، فسلبهم سبب هذا الرخاء الجميل الذي يعيشون فيه ، وأرسل السيل الجارف الذي يحمل العرم في طريقه وهي الحجارة لشدة تدفقه ، فحطم السد وانساحت المياه فطغت وأغرقت ؛ ثم لم يعد الماء يخزن بعد ذلك فجفت واحترقت . وتبدلت تلك الجنان الفيح صحراء تتناثر فيها الأشجار البرية الخشنة :

( وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل : خمط وأثل وشيء من سدر قليل ) . .

والخمط شجر الأراك أو كل شجر ذي شوك . والأثل شجر يشبه الطرفاء . والسدر النبق . وهو أجود ما صار لهم ولم يعد لهم منه إلا قليل !

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَأَعۡرَضُواْ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ سَيۡلَ ٱلۡعَرِمِ وَبَدَّلۡنَٰهُم بِجَنَّتَيۡهِمۡ جَنَّتَيۡنِ ذَوَاتَيۡ أُكُلٍ خَمۡطٖ وَأَثۡلٖ وَشَيۡءٖ مِّن سِدۡرٖ قَلِيلٖ} (16)

فأعرضوا عن المنعم ، وعن عبادته ، وبطروا النعمة ، وملوها ، حتى إنهم طلبوا وتمنوا ، أن تتباعد أسفارهم بين تلك القرى ، التي كان السير فيها متيسرا .

{ وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ } بكفرهم باللّه وبنعمته ، فعاقبهم اللّه تعالى بهذه النعمة ، التي أطغتهم ، فأبادها عليهم ، فأرسل عليها سيل العرم .

أي : السيل المتوعر ، الذي خرب سدهم ، وأتلف جناتهم ، وخرب بساتينهم ، فتبدلت تلك الجنات ذات الحدائق المعجبة ، والأشجار المثمرة ، وصار بدلها أشجار لا نفع فيها ، ولهذا قال : { وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ } أي : شيء قليل من الأكل الذي لا يقع منهم موقعا { خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ } وهذا كله شجر معروف ، وهذا من جنس عملهم .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَأَعۡرَضُواْ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ سَيۡلَ ٱلۡعَرِمِ وَبَدَّلۡنَٰهُم بِجَنَّتَيۡهِمۡ جَنَّتَيۡنِ ذَوَاتَيۡ أُكُلٍ خَمۡطٖ وَأَثۡلٖ وَشَيۡءٖ مِّن سِدۡرٖ قَلِيلٖ} (16)

قوله : { فأعرضوا } عن شكر الله ؛ إذ جحدوا نعمته وكذبوا رسله وهذا أشد الكفران { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ } أي السيل العرم . وذلك من باب إضافة الموصوف لصفته في الأصل ؛ إذ الأصل العرم . و { العرم } معناه الشديد ، من العرامة وهي الشراسة والصعوبة . وعرم فلان فهو عارم وعرم . وقيل : العرم اسم للوادي الذي كان فيه الماء نفسه . وقيل : أرسلنا عليهم سيل المطر العرم أي الشديد{[3801]} فكثر الماء وملأ ما بين الجبلين وحمل الجنات وكثيرا من الناس ممن لم يمكنه الفرار . وهؤلاء هم الذين ضربت بهم العرب في المثل للفرقة فقالوا : تفرقوا أيدي سبأ .

قوله : { وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ } أي أذهبنا جنيتهم لمذكورتين بالسيل الشديد الجارف وآتيناهم بدلهما جنتين ذواتي { أُكُلٍ خَمْطٍ } الأكل : الثمر . والخمط : الحامض أو المرّ من كل شيء . وكل نبت أخذ طعاما من مرارة . والحمل القليل من كل شجر . وشجر كالسِّدر . وشجر قاتل . أو كل شجر لا شوك له . وثمر الأبرار{[3802]}

قوله : { وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ } أثلٍ معطوف على أُكل . والأثل شجر يشبه الطرفاء أو هو الطرفاء . وأما السدر فهو شجر النبق .


[3801]:الدر المصون ج 9 ص 172
[3802]:القاموس المحيط ص 860