معاني القرآن للفراء - الفراء  
{فَأَعۡرَضُواْ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ سَيۡلَ ٱلۡعَرِمِ وَبَدَّلۡنَٰهُم بِجَنَّتَيۡهِمۡ جَنَّتَيۡنِ ذَوَاتَيۡ أُكُلٍ خَمۡطٖ وَأَثۡلٖ وَشَيۡءٖ مِّن سِدۡرٖ قَلِيلٖ} (16)

وقوله : { سَيْلَ الْعَرِمِ16 } كانت مُسَناة كانت تحبس الماء على ثلاثة أَبْوَاب منها ، فَيَسقونَ من ذلكَ الماء من الباب الأول ، ثم الثاني ، ثم الآخِر ، فلا ينفَد حتى يثوب الماء من السَّنة المقبلة . وكانوا أنعم قوم عيشا . فلما أعرضوا وجحدوا الرسل بثق الله عليهم المُسَناة ، فغرَّقت أرضهم ودفن بيوتَهم الرملُ ، ومُزّقوا كل ممزَّقٍ ، حَتى صَاروا مَثَلا عند العرب . والعرب تقول : تفرقوا أيادِي سَبَا وأيدي سَبَاً قَال الشاعر :

عينا ترى الناس إليها نَيْسَبا *** من صَادرٍ وواردٍ أيدي سَبَا

يتركونَ همزها لكثرة ما جرى على ألسنتهم ويُجرون سَبا ، ولا يُجرونَ : مَن لم يُجر ذهب إلى البلدة . ومن أجرى جَعَل سَبَا رجلاً أو جبلاً ، ويهمز . وهو في القراءة كثير بالهمز لاَ أعلم أحداً ترك همزهُ أنشدني :

الواردونَ وتيم في ذرى سَبَأ *** قد عَضَّ أعناقَهم جِلْدُ الجواميس

وقوله { ذَوَاتَيْ أُكُلٍ } يثقّل الأُكُل . وخفّفه بعض أهل الحجاز . وقد يقرأ بالإضافة وَغَير/152 ب الإضافة . فأما الأعمش وعاصم بن أبى النَجُود فثقَّلا ولم يضيفَا فنوّنا . وذكروا في التفسير أنه البرير وهو ثمر الأراك . وأما الأثْل فهو الذي يعرف ، شبيه بالطرفاء ، إلا أنه أعظم طُولاً .

وقوله : { وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ } قال الفراء ذكروا أنه السَّمُر واحدته سَمُرَة .