وأَعْرَضُوا فَبَعَثَ اللّهُ عَلى ذَلِكَ السَّدِّ جُرْذاً أَعْمَى ؛ تَوالَدَ فِيه ؛ وَخَرَقَهُ شَيْئاً بَعْدَ شَيْءٍ ؛ فَانْخَرَقَ السَّدُّ وَفَاضَ المَاءُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَجَنَّاتِهم فَغَرَّقَها ؛ وَأَهْلَكَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ مِمَّنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الفِرَارُ ، واخْتُلِفَ فِي العرم . فَقَالَ المُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ وَأَبُو مَيْسَرَةَ : هُوَ كُلُّ مَا بُنِي أَوْ سُنِّمَ لِيُمْسِك المَاءَ ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيره .
{ العرم } : اسْمُ وَادِي ذَلِكَ المَاءِ بِعَيْنِهِ الَّذِي كَانَ السَّدُّ بُنِي لَهُ ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضاً { العرم } الشَّدِيدُ .
قَالَ ( ع ) : فَكَأَنَّهُ صِفَةٌ لِلسَّيْلِ مِنْ العَرَامَةِ ، وَالإضَافَةُ إلَى الصِّفَةِ مُبَالَغَةٌ ؛ وَهِي كثيرةٌ فِي كَلام العَرَبِ ، وقِيل : { العرم } صِفَةٌ للمَطَرِ الشديدِ الذي كانَ عَنْه ذَلِكَ السَّيْلُ .
وقوله تعالى : { وبدلناهم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ } فيه تَجُوُّزٌ واستعارة ، وَذَلِكَ أَنَّ البَدَلُ مِنَ الخَمْطِ والأَثْلِ لَمْ يَكُنْ جَنَّاتٍ ؛ لَكِنَّ هَذا كَمَا تَقُولُ لِمَنْ جَرَّدَ ثَوْباً جَيِّداً وَضَرَبَ ظَهْرَه : هَذا الضَّرْبُ ثَوْبٌ صَالِحُ لَكَ ؛ ونحو هذا ، و«الخَمْطِ » : شَجَرُ الأَرَاكِ ، قَالَه ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُه ، وقِيلَ : «الخَمْطُ » : كُلُّ شَجَرِ لَهُ شَوْكٌ وَثَمْرَتَهُ كَرِيهَةُ الطَّعْمِ بِمَرَارَةٍ أَو حُمُوضَةٍ أو نَحْوِه ، وَمِنْه تَخَمَّطَ اللَّبَنُ إذَا تَغَيَّرَ طُعْمُه و«الأَثْلُ » : ضَرْبٌ من الطَّرْفَاءِ ، هذا هو الصَّحِيحُ ، و«السدر » : معروفٌ وهُو لَه نَبْقٌ شَبَهُ العُنَّابِ لكنَّه دُونَه في الطَّعْمِ بِكَثِير ، وللخَمْطِ ثَمرٌ غَثُّ هُوَ البَرِيرُ ، وللأَثْلِ ثَمْرٌ قَلِيلُ الغَنَاءِ غَيْرُ حَسَنِ الطَّعْمِ ، وقرأ نافع وابن كثير : «أُكلٌ » بِضَمِّ الهَمْزَةِ وسُكُونِ الكَافِ ، والبَاقُونَ بِضَمِّهِمَا وهُمَا بمعنى الجَنَى والثَّمْرَةِ ، ومِنْه : { تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ } [ سورة إبراهيم : 25 ] أي : جناها ، وقرأ أبو عمرو : «أُكُلِ خُمْطٍ » بإضافةِ «أُكُل » إلى «خمط » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.