فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَأَعۡرَضُواْ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ سَيۡلَ ٱلۡعَرِمِ وَبَدَّلۡنَٰهُم بِجَنَّتَيۡهِمۡ جَنَّتَيۡنِ ذَوَاتَيۡ أُكُلٍ خَمۡطٖ وَأَثۡلٖ وَشَيۡءٖ مِّن سِدۡرٖ قَلِيلٖ} (16)

{ فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل 16 ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور17 }

فبطروا ، وتولوا عن أمرنا ، وتأنفوا عن شكرنا فبعثنا عليهم سيلا ومطرا مدمرا يهدم ويغرق ) . . فما استكانوا لربهم وما يتضرعون( {[3734]} ، وأذاقهم الله العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ، فالثمار الجنية ، والفاكهة الشهية حرموها ، ولم تبق في حدائقهم إلا أشجار الأثل ، وقليل من شجر السدر ، والخمط : كل ما تغير إلى ما لا يشتهى ، فكأن التقدير : - جنتين ذواتي أكل خمط- ذواتي أكل حموضة أو أكل مرارة ، وقيل : الخمط الأراك ، وقال الأزهري : السدر من الشجر سدران : بري لا ينتفع به ولا يصلح ورقه للغسول وله ثمر عفص لا يؤكل ، وهو الذي يسمى الضال . والثاني- سدر ينبت على الماء وثمره النبق وورقه غسول يشبه شجر العناب . قال القشيري : وأشجار البوادي لا تسمى جنة ولابستانا ، ولكن لما وقعت الثانية في مقابلة الأولى أطلق لفظ الجنة ، وهو كقوله تعالى : )وجزاء سيئة سيئة مثلها . . . ( {[3735]} . وهذا التبديل كان عقوبة عاجلة لهم على كفرهم بأنعم ربهم ، وبسبب بطرهم وتأبيهم عن شكر المولى الوهاب ، وهل يغير الله ما بقوم إلا إذا كفروا وبطروا )ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم . . . ( {[3736]} ، )وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا بصنعون( {[3737]} .


[3734]:سورة المؤمنون. من الآية 76.
[3735]:سورة الشورى. من الآية 40.
[3736]:سورة الأنفال. من الآية 53.
[3737]:سورة النحل. الآية 112.