في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنذَرۡنَٰكُمۡ عَذَابٗا قَرِيبٗا يَوۡمَ يَنظُرُ ٱلۡمَرۡءُ مَا قَدَّمَتۡ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلۡكَافِرُ يَٰلَيۡتَنِي كُنتُ تُرَٰبَۢا} (40)

وهو الإنذار الذي يوقظ من الخمار : ( إنا أنذرناكم عذابا قريبا ) . . ليس بالبعيد ، فجهنم تنتظركم وتترصد لكم . على النحو الذي رأيتم . والدنيا كلها رحلة قصيرة ، وعمر قريب !

وهو عذاب من الهول بحيث يدع الكافر يؤثر العدم على الوجود : ( يوم ينظر المرء ما قدمت يداه . ويقول الكافر : يا ليتني كنت ترابا ) . . وما يقولها إلا وهو ضائق مكروب !

وهو تعبير يلقي ظلال الرهبة والندم ، حتى ليتمنى الكائن الإنساني أن ينعدم . ويصير إلى عنصر مهمل زهيد . ويرى هذا أهون من مواجهة الموقف الرعيب الشديد . . وهو الموقف الذي يقابل تساؤل المتسائلين وشك المتشككين . في ذلك النبأ العظيم ! ! !

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنذَرۡنَٰكُمۡ عَذَابٗا قَرِيبٗا يَوۡمَ يَنظُرُ ٱلۡمَرۡءُ مَا قَدَّمَتۡ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلۡكَافِرُ يَٰلَيۡتَنِي كُنتُ تُرَٰبَۢا} (40)

المفردات :

الإنذار : الإخبار بالمكروه قبل وقوعه .

المرء : الإنسان ، ذكرا كان أو أنثى .

ما قدمت يداه : ما صنعه في حياته الأولى .

يا ليتني كنت ترابا : أي لم أصب حظّا من الحياة .

التفسير :

40- إنّا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدّمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا .

الخطاب لكفار مكة ولمنكري البعث ، ولكل من يتأتى منه الخطاب ، أي : خوّفناهم عذاب يوم القيامة ، وهو واقع لا محالة ، وكل آت قريب ، وفي ذلك اليوم يجد الإنسان أعماله حاضرة أمامه ، إن خيرا فخير وإن شرا فشر .

قال تعالى : ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا . ( الكهف : 49 ) .

وفي ذلك اليوم يتمنى الكافر أنه لم يخلق ولم يبعث ولم يحاسب ويتمنى أن لو كان ترابا أو حجرا ، لما يرى من أهوال القيامة ، وشدة عقوبة الكافرين في جهنم .

قال المفسرون : وذلك حين يحشر الله الحيوانات يوم القيامة ، فيقتص للجماء من القرناء ، وبعد ذلك يصيّرها ترابا ، فيتمنى الكافر أن لو كان ترابا حتى لا يعذّب .

***

تم بحمد الله تعالى تفسير سورة ( النبأ ) ، مساء يوم السبت 4 من صفر 1422 ، الموافق 28/4/2001 .

i في ظلال القرآن ، للأستاذ سيد قطب ، 3/6 .

ii يخرج عنق من النار :

روه الترمذي في صفة جهنم ( 2574 ) وأحمد في مسنده ( 8225 ) من حديث أبي هريرة بلفظ : ( يخرج عنق من النار يوم اليقامة له عينان يبصر بهما ) .

iii تفسير الطبري المجلد 12 تفسير سورة النبأ ص 434 دار الغد العربي .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنذَرۡنَٰكُمۡ عَذَابٗا قَرِيبٗا يَوۡمَ يَنظُرُ ٱلۡمَرۡءُ مَا قَدَّمَتۡ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلۡكَافِرُ يَٰلَيۡتَنِي كُنتُ تُرَٰبَۢا} (40)

{ يا ليتني كنت ترابا } يتمنى الكافر أن لو كان في الدنيا ترابا ؛ فلم يخلق بشرا ولم يكلف . أو أن لو كان في الآخرة ترابا ؛ فلم يبعث ولم يحاسب ، ولم يجاز بكفره .

والله أعلم

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنذَرۡنَٰكُمۡ عَذَابٗا قَرِيبٗا يَوۡمَ يَنظُرُ ٱلۡمَرۡءُ مَا قَدَّمَتۡ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلۡكَافِرُ يَٰلَيۡتَنِي كُنتُ تُرَٰبَۢا} (40)

شرح الكلمات :

{ ما قدمت يداه } : أي ما أسلفه في الدنيا من خير وشر .

{ يا ليتني كنت ترابا } : أي حتى لا أعذب وذلك يوم يقول الله تعالى للبهائم كوني ترابا وذلك بعد الاقتصاص لها من بعضها بعضا .

المعنى :

وقوله تعالى { إنا أنذرناكم عذابا قريبا } أي خوفناكم عذابا قريبا جدا يبتدئ بالموت ولا ينتهي أبدا ، وذلك { يوم ينظر المرء ما قدمت يداه } من خير أو شر أي يرى جزاء عمله عيانا إن كان عمله خيراً جزي بمثله وإن كان شرا جزي بمثله . { ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا } إنه لما يرى البهائم بعد القصاص لها صارت ترابا يتمنى الكافر وهو في عذابه أن لو كان ترابا مثل البهائم ولولا العذاب وشدته ودوامه لما تمنى أن يكون ترابا أبدا .

من الهداية :

- تقرير عقيدة البعث والجزاء .

- الترغيب في العمل الصالح واجتناب العمل السيئ الفاسد .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنذَرۡنَٰكُمۡ عَذَابٗا قَرِيبٗا يَوۡمَ يَنظُرُ ٱلۡمَرۡءُ مَا قَدَّمَتۡ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلۡكَافِرُ يَٰلَيۡتَنِي كُنتُ تُرَٰبَۢا} (40)

{ إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا } لأنه قد أزف مقبلا ، وكل ما هو آت فهو قريب .

{ يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } أي : هذا الذي يهمه ويفزع إليه ، فلينظر في هذه الدنيا إليه{[1347]} ، كما قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } الآيات .

فإن وجد خيرا فليحمد الله ، وإن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ، ولهذا كان الكفار يتمنون الموت من شدة الحسرة والندم .

نسأل الله أن يعافينا من الكفر والشر كله ، إنه جواد كريم .

تم تفسير سورة عم ، والحمد لله رب العالمين


[1347]:- فلينظر في هذه الدار ما قدم لدار القرار.
 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنذَرۡنَٰكُمۡ عَذَابٗا قَرِيبٗا يَوۡمَ يَنظُرُ ٱلۡمَرۡءُ مَا قَدَّمَتۡ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلۡكَافِرُ يَٰلَيۡتَنِي كُنتُ تُرَٰبَۢا} (40)

قوله تعالى : " إنا أنذرناكم عذابا قريبا " يخاطب كفار قريش ومشركي العرب ؛ لأنهم قالوا : لا نبعث . والعذاب عذاب الآخرة ، وكل ما هو آت فهو قريب ، وقد قال تعالى : " كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها " [ النازعات : 46 ] قال معناه الكلبي وغيره . وقال قتادة : عقوبة الدنيا ؛ لأنها أقرب العذابين . قال مقاتل : هي قتل قريش ببدر . والأظهر أنه عذاب الآخرة ، وهو الموت والقيامة ؛ لأن من مات فقد قامت قيامته ، فإن كان من أهل الجنة رأى مقعده من الجنة ، وإن كان من أهل النار رأى الخزي والهوان ؛ ولهذا قال تعالى : " يوم ينظر المرء ما قدمت يداه " بين وقت ذلك العذاب ، أي أنذرناكم عذابا قريبا في ذلك اليوم ، وهو يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ، أي يراه{[15762]} ، وقيل : ينظر إلى ما قدمت فحذف إلى . والمرء ها هنا المؤمن في قول الحسن ، أي يجد لنفسه عملا ، فأما الكافر فلا يجد لنفسه عملا ، فيتمنى أن يكون ترابا . ولما قال : " ويقول الكافر " علم أنه أراد بالمرء المؤمن . وقيل : المرء ها هنا : أبي خلف وعقبة بن أبي معيط . " ويقول الكافر " أبو جهل . وقيل : هو عام في كل أحد وإنسان يرى في ذلك اليوم جزاء ما كسب . وقال مقاتل : نزلت قوله : " يوم ينظر المرء ما قدمت يداه " في أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي : " ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا " : في أخيه الأسود بن عبد الأسد . وقال الثعلبي : سمعت أبا القاسم بن حبيب يقول : الكافر : ها هنا إبليس وذلك أنه عاب آدم بأنه خلق من تراب ، وافتخر بأنه خلق من نار ، فإذا عاين يوم القيامة ما فيه آدم وبنوه من الثواب والراحة ، والرحمة ، ورأى ما هو فيه من الشدة والعذاب ، تمنى أنه يكون بمكان آدم ، فيقول : " يا ليتني كنت ترابا " قال : ورأيته في بعض التفاسير للقشيري أبي نصر . وقيل : أي يقول إبليس يا ليتني خلقت من التراب ولم أقل أنا خير من آدم . وعن ابن عمر : إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم ، وحشر الدواب والبهائم والوحوش ، ثم يوضع القصاص بين البهائم ، حتى يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء بنطحتها ، فإذا فرغ من القصاص بينها قيل لها : كوني ترابا ، فعند ذلك يقول الكافر : " يا ليتني كنت ترابا " . ونحوه عن أبي هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم . وقد ذكرناه في كتاب " التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة " ، مجودا والحمد لله . ذكر أبو جعفر النحاس : حدثنا أحمد بن محمد بن نافع ، قال حدثنا سلمة بن شبيب ، قال حدثنا عبد الرازق ، قال حدثنا معمر ، قال أخبرني جعفر بن برقان الجزري ، عن يزيد بن الأصم ، عن أبي هريرة ، قال : إن الله تعالى يحشر الخلق كلهم من دابة وطائر وإنسان ، ثم يقال للبهائم والطير كوني ترابا ، فعند ذلك " يقول الكافر : يا ليتني كنت ترابا " . وقال قوم : " يا ليتني كنت ترابا " : أي لم أبعث ، كما قال : " يا ليتني لم أوت كتابيه " . وقال أبو الزناد : إذا قضي بين الناس ، وأمر بأهل الجنة إلى الجنة ، وأهل النار إلى النار ، قيل لسائر الأمم ولمؤمني الجن : عودوا ترابا ، فيعودون ترابا ، فعند ذلك يقول الكافر حين يراهم " يا ليتني كنت ترابا " . وقال ليث بن أبي سليم : مؤمنو الجن يعودون ترابا . وقال عمر بن عبد العزيز والزهري والكلبي ومجاهد : مؤمنو الجِنَّة حول الجَنة في ربض ورحاب وليسوا فيها . وهذا أصح ، وقد مضى في سورة " الرحمن " {[15763]} بيان هذا ، وأنهم مكلفون : يثابون ويعاقبون ، فهم كبني آدم ، والله أعلم بالصواب .


[15762]:ما بين القوسين: ساقط من ز، ط، ل.
[15763]:راجع جـ 17 ص 169.