لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{إِنَّآ أَنذَرۡنَٰكُمۡ عَذَابٗا قَرِيبٗا يَوۡمَ يَنظُرُ ٱلۡمَرۡءُ مَا قَدَّمَتۡ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلۡكَافِرُ يَٰلَيۡتَنِي كُنتُ تُرَٰبَۢا} (40)

{ إنا أنذرناكم } أي خوفناكم في الدنيا { عذاباً قريباً } أي في الآخرة وكل ما هو آت قريب { يوم ينظر المرء ما قدمت يداه } يعني من خير أو شر مثبتاً في صحيفته ينظر إليه يوم القيامة . { ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً } قال عبد الله بن عمرو " إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم وحشر الدّواب والبهائم والوحوش ، ثم يجعل القصاص بين البهائم حتى يقتص للشّاة الحماء من الشاة القرناء نطحتها . فإذا فرغ من القصاص قيل لها كوني تراباً فعند ذلك يقول الكافر يا ليتني كنت تراباً " وقيل يقول الله عز وجل للبهائم بعد القصاص إنا خلقناكم وسخرناكم لبني آدم وكنتم مطيعين لهم أيام حياتكم فارجعوا إلى ما كنتم عليه كونوا تراباً ، فإذ رأى الكافر ذلك تمنى ، وقال يا ليتني كنت في الدّنيا في صورة بعض هذه البهائم ، وكنت اليوم تراباً وإذا قضى الله بين الناس وأمر بأهل الجنة إلى الجنة ، وأهل النار إلى النار ، وقيل لسائر الأمم سوى الناس والجن عودوا تراباً فيعودون تراباً فحينئذ يقول الكافر يا ليتني كنت تراباً ، وقيل معناه إن الكافر إذا رأى ما أنعم الله به على المؤمنين من الخير ، والرحمة ، قال يا ليتني كنت تراباً يعني متواضعاً في طاعة الله في الدنيا ، ولم أكن جباراً متكبراً ، وقيل إن الكافر هاهنا هو إبليس ، وذلك أنه عاب آدم وكونه خلق من تراب ، وافتخر عليه بأنه خلق من نار فإذا كان يوم القيامة ، ورأى ما فيه آدم وبنوه المؤمنين من الثواب والرحمة ، وما هو فيه من الشّدة والعذاب قال يا ليتني كنت تراباً قال أبو هريرة رضي الله عنه يقول التراب لا ولا كرامة لك من جعلك مثلي ، والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده وأسرار كتابه .