التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{إِنَّآ أَنذَرۡنَٰكُمۡ عَذَابٗا قَرِيبٗا يَوۡمَ يَنظُرُ ٱلۡمَرۡءُ مَا قَدَّمَتۡ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلۡكَافِرُ يَٰلَيۡتَنِي كُنتُ تُرَٰبَۢا} (40)

{ عذابا قريبا } يعني : عذاب الآخرة ووصفه بالقرب لأن كل آت قريب أو لأن الدنيا على آخرها . { يوم ينظر المرء ما قدمت يداه } المرء هنا عموم في المؤمن والكافر ، وقيل : هو المؤمن وقيل : هو الكافر والعموم أحسن لأن كل أحد يرى ما عمل لقوله تعالى : { فمن يعمل مثقال ذرة } [ الزلزلة : 7 ] .

{ ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا ) تمنى أن يكون يوم القيامة ترابا فلا يحاسب ولا يجازى ، وقيل : تمنى أن يكون في الدنيا ترابا أي : لم يخلق ، وروي : أن البهائم تحشر ليقتص لبعضهم من بعض ثم ترد ترابا فيتمنى الكافر أن يكون ترابا مثلها ، وهذا يقوي الأول ، وقيل : الكافر هنا إبليس يتمنى أن يكون خلق من تراب مثل آدم وذريته لما رأى ثوابهم وقد كان احتقر التراب في قوله : { خلقتني من نار وخلقته من طين } [ الأعراف : 12 ] .