تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّآ أَنذَرۡنَٰكُمۡ عَذَابٗا قَرِيبٗا يَوۡمَ يَنظُرُ ٱلۡمَرۡءُ مَا قَدَّمَتۡ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلۡكَافِرُ يَٰلَيۡتَنِي كُنتُ تُرَٰبَۢا} (40)

الآية 40 : وقوله تعالى : { إنا أنذرناكم عذابا قريبا } أي العذاب[ الذي ]{[23044]} أوعدتم به قريب مأتاه ، وإن استبعدتموه في أوهامكم . قال الله تعالى : { أتى أمر الله فلا تستعجلوه }[ النحل : 1 ] .

وقوله تعالى : { يوم ينظر المرء ما قدمت يداه } فجائز أن يكون منصرفا إلى الخلائق أجمع مؤمنهم وكافرهم . ثم تخصيص الأيدي بالذكر هو أن التقديم{[23045]} في الشاهد يقع بالأيدي ، فأضيف إليها ؛ وإن احتمل ألا يكون للأيدي صنع في ما ارتكب من الآثام أو في ما فعل من الخيرات ، وهو كالمطر ، يسمى رحمة الله ، وإن لم يكن ذلك من أوصافه لأنه برحمة منه{[23046]} ينزل من السماء/ 624 – أ/ وسمى الكلام لسانا ، وإن لم يكن هو لسانا لأنه باللسان ما يتكلم ، فكذلك التقديم أضيف إلى الأيدي لما بها يقع التقديم في الشاهد ، وإن لم يكن للأيدي صنع .

وقوله تعالى : { ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا } إن هذا التمني في الكافر دون المؤمن لأن المؤمن يرى حسناته متقبّلة وسيئاته مغفورة ، فيأمن من عقاب الله تعالى ، والكافر يرى نفسه مؤاخذة بالسيئات ، ولا يرى لها حسنات متقبلة ، فيتمنى أن يكون ترابا ليتخلص من عذاب الله تعالى .

قال بعضهم : إن الوحوش تحشر ، والطيور كلها ، ثم يقول الله تعالى : كونوا ترابا ، فيتمنى الكافر في ذلك الوقت أن يكون ترابا ، والله أعلم بالصواب .


[23044]:من م، ساقطة من الأصل.
[23045]:أدرج بعدها في الأصل و م: والتأخير.
[23046]:في الأصل و م: الله ما.