غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِنَّآ أَنذَرۡنَٰكُمۡ عَذَابٗا قَرِيبٗا يَوۡمَ يَنظُرُ ٱلۡمَرۡءُ مَا قَدَّمَتۡ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلۡكَافِرُ يَٰلَيۡتَنِي كُنتُ تُرَٰبَۢا} (40)

1

{ عذاباً قريباً } هو عذاب الآخرة لأن ما هو آت قريب . وفي المرء أقوال : فعن عطاء أنه الكافر لتقدّم ذكر الإنذار وقوله الكافر ظاهر وضع موضع الضمير لزيادة الذم . وعن الحسن وقتادة : إنه المؤمن لمجيء ذكر الكافر بعده ، ولأن المؤمن لما قدّم الخير والشر فهو منتظر لأمر الله كيف يحدث ، وأما الكافر فإنه قاطع بالعذاب ومع القطع لا يحصل الانتظار . والأظهر أنه عام في كل مكلف . و " ما " استفهامية منصوبة ب { قدّمت } أو موصولة منصوبة ب { ينظر } فيلزم إضمار " إن " حذف العائد من قدّمته ، وحذف الجار لأن الأصل أن يقال ينظر إليه . قوله { كنت تراباً } فيه وجوه أحدها : ليتني لم أبعث غير محشور . الثاني ما ورد في الأخبار أن البهائم تحشر فيقتص للجماء من القرناء ثم تردّ تراباً فيودّ الكافر حالها ليتخلص من العذاب . وأنكر بعض المعتزلة ذلك لأنه تعالى إذا أعادها فهي بين معوّض وبين متفضل عليه ، وعلى التقديرين لا يجوز أن يقطعها عن المنافع لأن ذلك كالإضرار بها . قال القاضي : إذا وفر الله أعواضها وهي غير كاملة العقل لم يبعد أن يزيل الله حياتها على وجه لا يحصل لها شعور بالألم فلا يكون ضرراً . وقال بعضهم : إن الحيوانات إذا انتهت مدّة أعواضها جعل الله تعالى كل ما كان منها حسن الصورة ثواباً لأهل الجنة ، وما كان قبيح الصورة عقاباً لأهل النار . الثالث قال بعض الصوفية : أراد يا ليتني كنت متواضعاً في طاعة الله كالتراب لا مرتفعاً كالنار . الرابع قيل : الكافر إبليس يرى آدم وثواب أولاده فيتمنى أن يكون الشيء الذي احتقره حين قال { خلقتني من نار وخلقته من طين } [ ص :76 ] .

/خ40