الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِنَّآ أَنذَرۡنَٰكُمۡ عَذَابٗا قَرِيبٗا يَوۡمَ يَنظُرُ ٱلۡمَرۡءُ مَا قَدَّمَتۡ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلۡكَافِرُ يَٰلَيۡتَنِي كُنتُ تُرَٰبَۢا} (40)

ثم قال تعالى : ( إنا أنذرناكم عذابا قريبا )

أي حذرناكم عذابا قد دنا منكم فقرب {[73332]} ، وذلك ( يم ينظر المرء ما قدمت يداه ) في الدنيا من خير وشر فيجازى عليه {[73333]} . ف ( ما ) بمعنى " الذي " ، أي : ينظر العمل الذي عمل في الدنيا من خير ( وشر ) {[73334]} .

ويجوز أن/ تكون ( ما ) استفهاما ، أي : ينظر أي {[73335]} شيء قدمت يداه في الدنيا من العمل ، أخير هو أم شر ؟ فيجازى عليه {[73336]} .

قال {[73337]} الحسن : " ( المرء " {[73338]} هنا المؤمن يحذر الصغيرة ويخاف الكبيرة {[73339]} .

- ثم قال : ( ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا )

أي : ويتمنى الكافر في ذلك اليوم أن يكون ترابا لما يرى من عذاب الله {[73340]} .

قال أبو هريرة : إن الله يحشر الخلق كلهم من دابة وطائر وإنسان ، ثم [ يقتص ] {[73341]} لبعض البهائم من بعض ، حتى يقتص [ للجماء ] {[73342]} من ذات القرن ، ثم يقول لبهائم والطير والدواب/ كوني ترابا ، فعد ذلك يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا {[73343]} .

وقال عبد الله بن عمرو : إذا كان يوم القيامة ، مد الله عز جل الأرض مد الأديم ، وحشر الدواب والبهائم والوحش ، ثم يجعل القصاص بين الدواب حتى يقتص للشاة {[73344]} الجماء من القرناء نطحتها {[73345]} ، فإذا فرغ بين القصاص بين الدواب قال لها : كوني ترابا ، فعند ذلك يقول الكافر : يا ليتني كنت ترابا {[73346]} .


[73332]:- انظر جامع البيان 30/25.
[73333]:- المصدر السابق.
[73334]:- ساقط من أ، وانظر معاني الأخفش 2/727.
[73335]:- أ: ينظر أي ينظر أي.
[73336]:- انظر المصدر السابق.
[73337]:- أ، وقال.
[73338]:- ساقط من أ.
[73339]:- جامع البيان 30/25 وفيه رواية أخرى عن الحسن أنه "المؤمن" كذا مختصرا وهي الرواية التي ذكرها القرطبي في تفسيره 19/188 وصاحب البحر 8/416 حيث حكاها أيضا عن ابن عباس وقتادة. ثم قال: "كأنه نظر إلى مقابله في قوله: {ويقول الكافر} وانظر قول ابن عباس في المحرر 16/216.
[73340]:- انظر جامع البيان 30/25.
[73341]:- م: يقتض. وفي الحلية لابن فارس: 195: "القصاص من قولك: قصصت الأثر وأقْصَصْتُهُ إذا اتّبعته... كذلك القصاص إنما هو سلوك مثل الطريقة التي فعلها الجارح، لأنه يؤتى إليه مثل ما أتاه هو".
[73342]:- م: للحُباء (كذا) أ: للجلحاء. "والجماء خلاف القرناء" الفائق للزمخشري 1/234 وهي التي لا قرن لها" النهاية لابن الأثير 1/300. والجلحاء بمعنى الجماء قال الأزهري: "إن الجلحاء من الشاء والبقر بمنزلة الجماء التي لا قرن لها" . اللسان: (جلح) وقول الأزهري هذا جاء تعليقا على رواية أخرى لهذا الحديث ورد بلفظ "الجلحاء".
[73343]:- انظر قول أبي هريرة في جامع البيان 30/26 وقد أخرجه الطبري أيضا بمعناه عن أبي هريرة فيما يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم والظاهر أن مكيا جمع بينهما في اللفظ الذي أورده.
[73344]:- أ: الشاة.
[73345]:- أ: بنطحتها.
[73346]:- انظر جامع البيان 30/26 والتذكرة للقرطبي ص 332 وانظر فيه أيضا تفصيل القول في حشر البهائم والحكمة في ذلك من ص 329 إلى 333. وانظر نحوا من معنى حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمرو مرويا عن ابن عباس في الفردوس 5/476 ح: 8813. وفيه زيادة معنى.