في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأُخۡرَىٰ لَمۡ تَقۡدِرُواْ عَلَيۡهَا قَدۡ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٗا} (21)

18

كذلك يمن عليهم ويبشرهم بأخرى غير هذه . لم يقدروا عليها بقوتهم ، ولكن الله تولاها عنهم بقدرته وتقديره : ( وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها ، وكان الله على كل شيء قديرا ) . .

وتختلف الروايات في هذه الأخرى . أهي فتح مكة ? أهي فتح خيبر ? أهي فتوح مملكتي كسرى وقيصر ? أهي فتوح المسلمين التي تلت هذه الوقعة جميعا ?

وأقرب ما يناسب السياق أن تكون هي فتح مكة . بعد صلح الحديبية وبسبب من هذا الصلح . الذي لم يدم سوى عامين ، ثم نقضه المشركون ، ففتح الله مكة للمسلمين بلا قتال تقريبا . وهي التي استعصت عليهم من قبل ، وهاجمتهم في عقر دارهم ، وردتهم عام الحديبية . ثم أحاط الله بها ، وسلمها لهم بلا قتال - ( وكان الله على كل شيء قديرا ) . . فهذه بشرى ملفوفة في هذا الموضع ، لم يحددها لأنها كانت عند نزول هذه الآية غيبا من غيب الله . أشار إليه هذه الإشارة لبث الطمأنينة والرضى والتطلع والاستبشار .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَأُخۡرَىٰ لَمۡ تَقۡدِرُواْ عَلَيۡهَا قَدۡ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٗا} (21)

20

المفردات :

وأخرى : ومغانم أخرى ، هي مغانم فارس والروم .

أحاط الله بها : أعدها لكم وهي تحت قبضته يظهر عليها من أراد .

التفسير :

21- { وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا } .

وغنائم أخرى وعدكم الله إياها ، غير غنائم خيبر ، مثل فتح مكة وحنين والطائف ، وقد غنم المسلمون منها مغانم كثيرة ، وقيل : المقصود غنائم فارس والروم ، لم تقدروا عليها الآن ، لكن الله العلي القدير قد أحاط بها ، ودبر حفظها وتيسير أمرها للمسلمين ، حين يتقدمون لفتح هذه البلاد في عهد الخليفة العادل عمر بن الخطاب ، الذي ارتعدت منه الأكاسرة والقياصرة ، كما قال الشاعر :

يا من رأى عمرا تكسوه بردته *** والزيت أدم له والكوخ مأواه

يهتز كسرى على كرسيه فرقا *** من بطشه وملوك الروم تخشاه

{ وكان الله على كل شيء قديرا } .

حيث دبر سبحانه اقتتال الروم مع الفرس ، وهزيمة الروم أولا ، ثم انتصارهم ثانيا ، ثم تهيئة الفريقين للانهزام أمام المسلمين ، بتدبير الله الذي ينصر من يشاء ، وهو على كل شيء قدير ، إذا أراد أمرا هيأ له الأسباب ، ثم قال له كن فيكون ، فهو سبحانه كان ولا يزال قادرا مقتدرا ، لا يعجزه شيء .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأُخۡرَىٰ لَمۡ تَقۡدِرُواْ عَلَيۡهَا قَدۡ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٗا} (21)

{ وَأُخْرَى } أي : وعدكم أيضا غنيمة أخرى { لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا } وقت هذا الخطاب ، { قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا } أي : هو قادر عليها ، وتحت تدبيره وملكه ، وقد وعدكموها ، فلا بد من وقوع ما وعد به ، لكمال اقتدار الله تعالى ، ولهذا قال : { وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا }

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأُخۡرَىٰ لَمۡ تَقۡدِرُواْ عَلَيۡهَا قَدۡ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٗا} (21)

قوله تعالى : { وأخرى لم تقدروا عليها } أي وعدكم الله فتح بلدة أخرى لم تقدروا عليها ، { قد أحاط الله بها } حتى يفتحها لكم كأنه حفظها لكم ومنعها من غيركم حتى تأخذوها ، قال ابن عباس : علم الله أنه يفتحها لكم . واختلفوا فيها ، فقال ابن عباس ، والحسن ، ومقاتل ، هي فارس والروم ، وما كانت العرب تقدر على قتال فارس والروم ، بل كانوا خولاً لهم حتى قدروا عليها بالإسلام . وقال الضحاك وابن زيد : هي خيبر ، وعدها الله نبيه صلى الله عليه وسلم قبل أن يصيبها ، ولم يكونوا يرجونها . وقال قتادة : هي مكة . وقال عكرمة : حنين ، وقال مجاهد : ما فتحوا حتى اليوم . { وكان الله على كل شيء قديراً* }

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَأُخۡرَىٰ لَمۡ تَقۡدِرُواْ عَلَيۡهَا قَدۡ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٗا} (21)

ولما سرهم سبحانه بما بشرهم به من كون القضية فتحاً ومن غنائم خيبر ، أتبع ذلك البشارة دالاً على أنها لا مطمع لهم في حوزه ولا علاجه لولا{[60381]} معونته فقال : { وأخرى } أي ووعدكم مغانم كثيرة غير هذه وهي - والله أعلم - مغانم هوازن التي لم يحصل قبلها ما يقاربها . ولما كان في علمه سبحانه وتعالى أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم مقرون فيها إلا من لا يمكنه في العادة أن يهزمهم ليحوي الغنائم ، فكان ما في علمه تعالى لتحققه كالذي وقع وانقضى ، قال تعالى : { لم تقدروا } أي بما علمتم من قراركم { عليها } ولما توقع السامع-{[60382]} بعد علمه بعجزهم عنها الإخبار عن السبب الموصل إلى أخذها بما تقرر عند من صدق الوعد بها ، قال مفتتحاً بحرف التوقع : { قد أحاط الله } أي المحيط بكل شيء علماً وقدرة { بها } فكانت بمنزلة ما أدير عليه{[60383]} سور مانع من أن يغلب منها شيء عن حوزتكم أو يقدر غيركم أن يأخذ منها شيئاً ، {[60384]}ولذلك{[60385]} و-{[60386]}للتعميم ختم الآية بقوله : { وكان الله } أي المحيط بجميع صفات{[60387]} الكمال أزلاً وأبداً { على كل شيء } منها ومن غيرها { قديراً * } بالغ القدرة لأنه بكل شيء عليم .


[60381]:من ظ ومد، وفي الأصل: لو.
[60382]:زيد من ظ ومد.
[60383]:من مد، وفي الأصل و ظ: عليها.
[60384]:سقط ما بين الرقمين من مد.
[60385]:سقط ما بين الرقمين من مد.
[60386]:زيد من ظ ومد.
[60387]:من ظ ومد، وفي الأصل: أوصاف.