في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّهِۦ كَمَن زُيِّنَ لَهُۥ سُوٓءُ عَمَلِهِۦ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُم} (14)

ثم يمضي في الموازنة بين حال الفريقين ؛ ويعلل لم كان الله ولي المؤمنين يدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار في الآخرة ، بعد النصر والكرامة في الدنيا ? ولم كان الذين كفروا لا مولى لهم معرضين للهلاك في الدنيا - بعد حياة حيوانية هابطة - وللعذاب في الآخرة والثوي في النار والإقامة :

( أفمن كان على بينة من ربه ، كمن زين له سوء عمله ، واتبعوا أهواءهم ? ) . .

فهو فارق أصيل في الحالة التي عليها الفريقان ، وفي المنهج والسلوك سواء . فالذين آمنوا على بينة من ربهم . . رأوا الحق وعرفوه ، واستيقنوا من مصدره واتصلوا بربهم فتلقوا عنه ، وهم على يقين مما يتلقون . غير مخدوعين ولا مضللين . والذين كفروا زين لهم سوء عملهم ، فرأوه حسنا وهو سيء ؛ ولم يروا ولم يستيقنوا ، ( واتبعوا أهواءهم ) . بلا ضابط يرجعون إليه ، ولا أصل يقيسون عليه ، ولا نور يكشف لهم الحق من الباطل .

أهؤلاء كهؤلاء ? إنهم يختلفون حالا ومنهجا واتجاها . فلا يمكن أن يتفقوا ميزانا ولا جزاء ولا مصيرا !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّهِۦ كَمَن زُيِّنَ لَهُۥ سُوٓءُ عَمَلِهِۦ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُم} (14)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَفَمَن كَانَ عَلَىَ بَيّنَةٍ مّن رّبّهِ كَمَن زُيّنَ لَهُ سُوَءُ عَمَلِهِ وَاتّبَعُوَاْ أَهْوَاءَهُمْ } .

يقول تعالى ذكره : أَفَمَنْ كَانَ على برهان وحجة وبيان مِنْ أمر رَبّهِ والعلم بوحدانيته ، فهو يعبده على بصيرة منه ، بأن له ربّا يجازيه على طاعته إياه الجنة ، وعلى إساءته ومعصيته إياه النار ، كمَنْ زُيّنَ لَه سُوءُ عَمَلِهِ يقول : كمن حسّن له الشيطان قبيح عمله وسيئته ، فأراه جميلاً ، فهو على العمل به مقيم ، واتّبَعُوا أهْوَاءَهُمْ واتبعوا ما دعتهم إليه أنفسهم من معصية الله ، وعبادة الأوثان من غير أن يكون عندهم بما يعملون من ذلك برهان وحجة . وقيل : إن الذي عُني بقوله : أفمَنْ كانَ على بَيّنَةٍ مِنْ رَبّهِ نبينا عليه الصلاة والسلام ، وإن الذي عُنِي بقوله : كمَنْ زُيّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ هم المشركون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّهِۦ كَمَن زُيِّنَ لَهُۥ سُوٓءُ عَمَلِهِۦ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُم} (14)

قوله تعالى : { أفمن كان } الآية توقيف وتقرير على شيء متفق عليه وهي معادلة بين هذين الفريقين . وقال قتادة : الإشارة بهذه الآية إلى محمد عليه السلام في أنه الذي هو على بينة وإلى كفار قريش في أنهم الذين زين لهم سوء أعمالهم .

قال القاضي أبو محمد : وبقي اللفظ عاماً لأهل هاتين الصفتين غابر الدهر وقوله : { على بينة } معناه على قصة واضحة وعقيدة نيرة بينة ، ويحتمل أن يكون المعنى على أمر بين ودين بين ، وألحق الهاء للمبالغة : كعلامة ونسابة . والذي يسند إليه قوله : { زين } الشيطان . واتباع الأهواء : طاعتها كأنها تذهب إلى ناحية والمرء يذهب معها .