في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَآ أَنۡعَمۡنَا عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ أَعۡرَضَ وَنَـَٔا بِجَانِبِهِۦ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٖ} (51)

37

وهذا الإنسان إذا أنعم الله عليه : استعظم وطغى . وأعرض ونأى بجانبه . فأما إذا مسه الشر فيتخاذل ويتهاوى ، ويصغر ويتضاءل ، ويتضرع ولا يمل الضراعة . فهو ذو دعاء عريض !

أية دقة ، وأي تسجيل للصغيرة في نفس الإنسان والكبيرة ! إنه خالقه الذي يصفه . خالقه الذي يعرف دروب نفسه . ويعرف أنها تظل تدور في هذه الدروب المنحنية ، إلا أن تهتدي إلى الطريق المستقيم . . فتستقيم . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِذَآ أَنۡعَمۡنَا عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ أَعۡرَضَ وَنَـَٔا بِجَانِبِهِۦ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٖ} (51)

القول في تأويل قوله تعالى :

وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسّهُ الشّرّ فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ

يقول تعالى ذكره : وإذا نحن أنعمنا على الكافر ، فكشفنا ما به من ضرّ ، ورزقناه غنىً وسعةً ، ووهبنا له صحة جسم وعافية ، أعرض عما دعوناه إليه من طاعته ، وصدّ عنه وَنأَى بجانِبِهِ يقول : وبعد من إجابتنا إلى ما دعوناه إليه ، ويعني بجانبه بناحيته . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : أعْرَضَ وَنأَى بِجانِبِهِ يقول : أعرض : صدّ بوجهه ، ونأى بجانبه : يقول : تباعد .

وقوله : وَإذَا مَسّه الشّرّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ يعني بالعريض : الكثير . كما :

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ يقول : كثير ، وذلك قول الناس : أطال فلان الدعاء : إذا أكثر ، وكذلك أعرض دعاءه .

القول في تأويل قوله تعالى :

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللّهِ ثُمّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلّ مِمّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم قُلْ يا محمد للمكذّبين بما جئتهم به من عند ربّك من هذا القرآن أرَأَيْتُمْ أيها القوم إنْ كانَ هذا الذي تكذّبون به مِنْ عِنْدِ اللّهِ ثُمّ كَفَرْتُمْ بِهِ ألستم فِي فِراقٍ للحق وبعدٍ من الصواب ، فجعل مكان التفريق الخبر ، فقال : مَنْ أضَلّ مِمّنْ هُوَ في شِقاقٍ بَعَيدٍ إذا كان مفهوماً معناه .

وقوله : مَنْ أضَلّ مِمّنْ هُوَ في شِقاقٍ بَعَيدٍ يقول : قل لهم من أشدّ ذهاباً عن قصد السبيل ، وأسلك لغير طريق الصواب ، ممن هو في فراقٍ لأمر الله وخوفٍ له ، بعيد من الرشاد .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذَآ أَنۡعَمۡنَا عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ أَعۡرَضَ وَنَـَٔا بِجَانِبِهِۦ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٖ} (51)

{ وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض } عن الشكر . { ونأى بجانبه } وانحرف عنه أو ذهب بنفسه وتباعد عنه بكليته تكبرا ، والجانب مجاز عن النفس كالجنب في قوله : { في جنب الله } . { وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض } كثير مستعار مما له عرض متسع للإشعار بكثرته واستمراره ، وهو أبلغ من الطويل إذ الطول أطول الامتدادين ، فإذا كان عرضه كذلك فما ظنك بطوله ؟